قوله: ﴿لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ﴾، إلى قوله: ﴿بِٱلْكَافِرِينَ﴾.
المعنى: لقد التمس هؤلاء المنافقون لأصحابك، يا محمد، ﴿ٱلْفِتْنَةَ﴾، أي: خبالهم وصدهم عن دينهم ﴿مِن قَبْلُ﴾، أي: من قبل أن ينزل عليك أمرهم وكشف سرهم واعتقادهم ﴿وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ﴾، أي: أجالوا فيك وفي إبطال ما جئت به الرأي ﴿حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ﴾، أي: نصر الله: ﴿وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ﴾، أي دينه وهو الإسلام، ﴿وَهُمْ كَارِهُونَ﴾، لذلك.
ثم أخبر الله عز وجل، عن المنافقين أن منهم من يقول للنبي ﷺ: ﴿ٱئْذَن لِّي﴾، أي: ائذن لي يا محمد، في المُقام ولا أخرج معك، ﴿وَلاَ تَفْتِنِّي﴾، أي: لا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتهم، فإني بالنساء مغرمٌ، فآثم بذلك.
قال مجاهد: قال النبي ﷺ: "اغزوا تبوك، تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم"فقال بعض المنافقين: ائذن لي، ولا تفتني بالنساء.
وقال قتادة معنى: ﴿وَلاَ تَفْتِنِّي﴾، أي: لا تؤثمني، بالتخلف عنك بغير رأيك، ائذن لي في المُقام.
قال ابن عباس: قال الجد بن قيس للنبي ﷺ، لما حضّ على غزو الروم: قد علمت الأنصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكني أعينك بمالي.
ففي الجد بن قيس نزلت الآية.
* * *
وقوله: ﴿أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ﴾.
أي: ألا في الإثم وقعوا، ومنه هربوا في زعمهم.
* * *
﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ﴾.
أي: مُحدقةٌ بهم، جامعةٌ لهم يوم القيامة.
﴿وَلاَ تَفْتِنِّي﴾: وقف حسن.
{"ayahs_start":48,"ayahs":["لَقَدِ ٱبۡتَغَوُا۟ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُوا۟ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَاۤءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَـٰرِهُونَ","وَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ ٱئۡذَن لِّی وَلَا تَفۡتِنِّیۤۚ أَلَا فِی ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُوا۟ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَةُۢ بِٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"لَقَدِ ٱبۡتَغَوُا۟ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُوا۟ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَاۤءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَـٰرِهُونَ"}