وقوله جل وعز ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ﴾.
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد، وورقاءُ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد قال: أي: نتحافظ ونَتَكَالأُ.
وزاد ابنُ أبي نجيح في روايته: ونتحارس.
قال هارون: سألت أبا عمرو بن العلاء رحمه الله: كيف قالوا: "وَنَلْعَبُ" وهم أنبياء، فقال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياء.
ومن قرأ "يرتعْ ويلعبْ" بالياء، فمعناه عندي: يرعى الإِبل، يُقال: رعى وارتعى بمعنى واحد، وهذه قراءة أهل المدينة.
ورُوي عن مجاهد ﴿نَرْتِع﴾ بالنون وكسر التاء، يُقال: أرتع صاحبَهُ وإبِلَهُ فرتعت: أي أقامت في المرتع، والله أعلم بما أراد.
وقرأ أهل الكوفة ﴿يَرْتَعْ ويَلْعَبْ﴾ بإسكان العين، ومعناه: يتَّسعُ في الخِصب ويأكلُ، ويُقال: رتعتِ الإِبلُ: إذا رعتْ كيف شاءت، وكذا غيرها، وأرعيتُها: تركتها ترعى. ويقال: فلانٌ راتعٌ أي مُخْصِب ومنه:
تَرْتَعُ ما غَفَلَتْ حَتَّى إذَ ادَّكَرتْ * فَإنَّمَا هِيَ إقْبَالٌ وإدْبَارُ
وكذا معنى (نَرْتَعْ) بفتح النون وإسكان العين، وهي قراءة أبي عَمْروٍ وأهل مكة.
وَرَوى سعيد عن قتادة قال: ﴿نَرْتَعْ﴾ نَنْشَط ونلهو، وهو كمعنى الأول.
وأما حجَّةُ أبي عمرو أنهم لم يكونوا يومئذٍ أنبياء، فلا يُحتاج إلى ذلك، لأنه ليس باللعب الصَّادِّ عن ذكر الله جل وعز.
وقال النبي ﷺ: "ألاَ بكراً تلاعبُها وتلاعبُكَ"؟!
{"ayah":"أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدࣰا یَرۡتَعۡ وَیَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ"}