ثم قال تعالى ﴿وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾.
رَوى سفيانُ عن سالم، عن أبي صالح، قال: الرَّعدُ: مَلَكٌ يسبِّحُ.
وروى عثمان بن الأسود عن مجاهد: قال: الرعد ملكٌ يسمَّى "الرَّعدَ" ألاَ تسمع إلى قوله: ﴿وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾؟
وروى سفيان عن الحكم بن عُتَيْبَة عن مجاهد، قال: الرَّعدُ: مَلَكٌ يزجرُ السحابَ بصوتِهِ.
وقال عكرمة: الرعد ملك يصوِّت بالسحاب كالحادي بالإِبل.
ورُوي أنَّ ابن عبَّاس كان إذا سمع صوت الرعد قال: "سبحان الذي سبَّحتْ له".
وروى مالكٌ عن عامر بن عبدالله، عن أبيه، كان إذا سمع صوت الرعد لَهِيَ من حديثه، وقال: "سبحانَ من سبَّحَ الرعدُ بحمدِهِ، والملائكةُ من خيفته" ثم يقول إنَّ هذا وعيدٌ لأهلِ الأرض شديد.
* ثم قال تعالى: ﴿وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ﴾.
يجوز أن تكون الواوُ واوَ حال، أي يصيب بها من يشاء في حال مجادلته.
لأنه يُروى أن أربد سأل النبي ﷺ فقال: أخبرنا عن ربِّنا أهو من نُحَاسٍ، أو من حديد؟ فأرسل الله صاعقة فقتلته.
ويجوز أن يكون قوله ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ﴾ منقطعاً من الأول.
* ثم قال تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ﴾.
قال ابن عباس: أي الحول.
وقال قتادة: أي الحيلة.
وقال الحسن: المكرُ.
ورُوي عن الحسن أنه قال: أي الهَلاَك.
وهذه أقوال متقاربةٌ، وأشبهها بالمعنى - والله أعلمُ - أنه الإِهْلاَكُ؛ لأن المَحْلَ الشِدَّةُ، فكأنَّ المعنى: شديد العذاب والإِهلاك.
وقد قال جماعة من أهل اللغة، منهم "أبو عُبيدة" و "أبو عُبيدٍ": هو المكرُ، من قولهم: مَحَلَ به، وأنشدَ بيتَ الأعشَى:
فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْدِ * غَزِيرُ النَّدَى شَدِيدُ المِحَالِ.
وقال أبو عبيد: الأشبهُ بقول ابن عبَّاس أنْ يكون قرأ "شديد المَحَال" بفتح الميم.
فأما الأعرجُ فالمعروف من قراءته "المَحَال" بفتح الميم.
ومعناه كمعنى الحَوْلِ من قولهم: لا حَوْلَ وَلاَ قوَّةَ إلاَّ باللهِ.
فأما معنى المكر من الله: فهو إيصال المكروه إلى من يستحقُّه من حيث لا يشعر.
{"ayah":"وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰعِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ"}