وقوله جل وعز ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾.
قوله: ﴿مُهْطِعِينَ﴾.
قال مجاهد وأبو الضُّحَى: أي مُديمي النَّظَرِ.
وقال قتادة: أي مسرعين.
والمعروف في اللغة أن يُقال: أهْطَعَ: إذا أسرع.
قال أبو عُبيدة: وقد يكون الوجهان جميعاً، يعني: الإِسراع مع إدامة النظر.
* ثم قال تعالى: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾.
قال مجاهد: أي رافعيها.
وقال قتادة: المُقْنِع: الرَّافع رأسه، شاخصاً ببصره، لا يَطْرِف.
قال أبو جعفر: وهذا قولُ أهلِ اللغة، إلاَّ أنَّ أبا العباس قال: يُقال: أقْنَعَ: إذا رفع رأسه، وأقنع: إذا طأطأ رأسه ذلاًّ وخضوعاً، قال: وقد قيل في الآية القولان جميعاً.
قال: ويجوز أن يرفع رأسه مديماً للنظر، ثم يُطأطئه خضوعاً وذُلاًّ.
قال أبو جعفر: والمشهورُ في اللغة أن يُقال للرَّافع رأسه: مُقْنِعٌ.
ورُوِيَ أنهم لا يزالون يرفعون رءوسهم، وينظرون ما يأتي من عند الله جلَّ وعز، وأنشد أهل اللغة:
يُبَاكِرْنَ العِضَاهَ بِمُقْنِعَاتٍ * نَوَاجِذُهُنَّ كَالحِدَإِ الوَقِيعِ
يصف إبلاً، وأنهنَّ رافعاتٍ رءوسهن كالفؤوس.
ومنه قيل: مِقْنَعَةٌ لارتفاعها.
ومنه قَنِعَ الرجلُ: إذا رَضِيَ، وقَنَعَ: إذا سأل أي أتى ما يُتقنَّعُ منه.
وقوله جلَّ وعز ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ﴾.
روى سفيان عن أبي إسحاق عن مُرَّة ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ﴾ قال: مُتَخَرِّقَةٌ لا تعي شيئاً، يعني من الخوف.
وروى حجَّاج عن ابن جريج قال: ﴿هَوَآءٌ﴾: ليس فيها شيءٌ من الخير، كما يُقال للبيت الذي ليس فيه شيءٌ: هواءٌ.
وقيل: وَصَفهم بالجُبْنِ والفَزَع، أي قلوبُهُمْ منخوبةٌ.
وأصل الهواءِ في اللَّغة: المجوَّف الخالي، ومنه قولُ زهير:
كَأَنَّ الرَّحْلَ مِنْهَا فَوْقَ صَعْلٍ * منَ الظِّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ
أي ليس فيها مخٌّ ولا شيءٌ، وقال حسَّانُ:
أَلاَ أَبْلِغْ أبَا سُفْيَانَ عَنِّي * فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءٌ
{"ayah":"مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤءࣱ"}