وقولُه جلَّ وعز ﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاًً﴾.
رَوَى سعيد عن قتادة في قوله ﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ قال: خلق حواء من ضلع آدم.
وقال غيره: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ أي من جنسكم.
* ثم قال جلَّ وعز ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾.
رَوَى سفيانُ الثوري، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبدالله بن مسعود، قال: الحَفَدةُ: الأَخْتَانُ.
وروى سفيانُ بن عُيَينة عن [عاصم عن] زرٍّ عن عبدالله قال: الحَفَدةُ: الأصهارُ.
ورَوى شُعبةُ عن زرٍّ قال: سألني ابنُ مسعودٍ عن الحَفَدةِ، فقلت: هم الأعوانُ، قال: هم الأَخْتَانُ.
وقال عَلْقمةُ وأبو الضحى: الحَفَدةُ: الأَخْتانُ.
وقال إبراهيم: الحَفَدةُ: الأصهارُ.
قال أبو جعفرٍ: وقد اختُلِفَ في الأَخْتَانِ والأصهار، فقال محمد بنُ الحسن، الختَنُ: الزوجُ ومن كان من ذوي رَحِمَه، والصِّهرُ: من كان قِبَلِ المرأة، نحو أبيها وعمَّتها وخالها.
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار.
وقال الأصمعي: الخَتَنُ: من كان من قِبَلِ المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما، والأُصهار منهما جميعاً، يقال: أصْهَرَ فلانٌ إلى بني فلانٍ وَصَاهَر.
وقولُ عبدالله بن مسعود: هم الأَخْتَانُ، يحتمل المعنيين جميعاً، يجوز أن يكون أراد أبا المراة، وما أشبهه من أقربائها.
ويجوز أن يكون أراد: وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوِّجونهم، فيكون لكم بسببهنَّ أَخْتَانٌ.
وقد قيل في الآية غير هذا.
قال عكرمة: الحَفَدة: ولدُ الرجل من نَفَعه منهم.
وقال الحسن وطاووس ومجاهد: الحَفَدةُ: الخَدَمُ.
قال أبو جعفر: وأصلُ الحَفَدة في اللغة: الخدمة، والعمل، يقال: حفد يحفِدُ حَفْداً وحفوداً وحَفَداناً، إذا خَدَم وعمل، ومنه "وإليكَ نَسْعى ونَحْفِدُ": ومنه قولُ الشاعر:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حولَهُنَّ وأُسْلِمَتْ * بأكُفِّهِنَّ أَزِمَّةُ الأجْمَالِ
وقول من قال: هم الخَدَمُ حسنٌ على هذا، إلاَّ أنه يكون منقطعاً مما قبله عند أبي عُبيد، ويُنْوَى به التقديمُ والتأخيرُ، كأنه قال: وجعلَ لكم حَفَدةً، أي خَدَماً، وجعل لكم من أزواجكم بنين.
{"ayah":"وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَ ٰجࣰا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَ ٰجِكُم بَنِینَ وَحَفَدَةࣰ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَـٰطِلِ یُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ یَكۡفُرُونَ"}