وقولُه جلَّ وعز ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌٌ﴾.
قال أبو عبيد: حدثنا حجَّاجُ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهد، قال: ذلك عند قيام الساعة، وذهاب صالحي هذه الأمة ـ أُمَّةِ محمد ـ يَنـْزو بعضُهم على بعض في الأَزِقَّةِ زِناً.
قال أبو جعفر: الخَلْفُ بتسكين اللاَّمِ لا يستعمل إلا للرَّديء، كما قال لبيد:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ في أكْنَافِهِمْ * وبَقَيِتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجْرَبِ
فإذا قلت: خَلَفَ بتحريك اللام فهو للجيد، كما يُقال: "جَعَلَ اللهُ فيك خَلَفاً من أبيك".
* ثم قال جل وعز ﴿أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ﴾.
قال القاسم بن مخيمرة: "أضاعوها": أخَّروها عن وقتها، ولو تركوها لكفروا.
وقيل: أضاعوها تركوها البتة.
وهذا أشبهُ لقوله بعدُ ﴿إلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ﴾ وهذا يدلُّ على أنهم كفروا.
* ثم قال جل وعز ﴿فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً﴾.
رَوَى سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عُبَيْدةَ، عن عبدِاللهِ بنِ مسعودٍ قال: هو وادٍ في جهنم.
قال أبو جعفر: والتقديرُ عند أهل اللغة: فسوف يلقون جزاءَ الغَيِّ، كما قال جلَّ ذكره ﴿وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً﴾.
ويجوز أن يكون الوادي يُسمَّى غيَّاً، لأنَّ الغاوين يصيرون إليه.
{"ayah":"۞ فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلشَّهَوَ ٰتِۖ فَسَوۡفَ یَلۡقَوۡنَ غَیًّا"}