قال تعالى ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾.
قال قتادة: اي قَذَرٌ.
ورَوَى ثابتٌ عن أنسٍ (أنَّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فلم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في بيتٍ، فسئل النبي ﷺ عن ذلك، فأنزل اللهُ عَزَّ وجلَّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى، فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ﴾ الآية، فقال رسول الله ﷺ: "جامعوهنَّ في البيوت، واصنعوا كل شيء إلاَّ النَّكاحَ".
فتبيَّن بهذا الحديث معنى ﴿فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ﴾ أنَّ معناهُ فاعتزلوهنَّ في الجماع فقط.
* ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ﴾.
أي حتَّى ينقَطِع الدَّم عنهنَّ.
وقرأ أهلُ الكوفة: ﴿يَطَّهَّرْنَ﴾ أي: يغتسِلْنَ.
وكذا معنى ﴿يَتَطَهَّرْنَ﴾، قرأَ به ابنُ مسعودٍ، وأُبَيُّ.
وقد عاب قومٌ ﴿يَطْهُرْنَ﴾ - بالتخفيف - قالوا: لأنه لا يَحِلُّ المسِيسُ حتى يَغْتَسِلْنَ.
قال أبو جعفر: وهذا لا يلزم، فيجوز أَنْ يكون معناه كمعنى ﴿يطَّهَّرْنَ﴾، ويجوز أن يكون معناه حتى يحلَّ لهنَّ أن يتطَهَّرْنَّ، كما يقال للمطلقة إذا انقضت عدتها: قد حَلَّتْ للرجال، وقد بيَّن ذلك بقوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾.
* ثم قال تعالى: ﴿فَأَتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ﴾.
قال مجاهد: من حيث نُهُوا عنه في محيضهن.
وقال إبراهيم: في الفرج.
وقال ابن الحنفية: من قِبَلِ التزويج، من قِبَل الحلال.
وقال أبو رزين: من قِبَلِ الطُّهْرِ.
قال أبو العالية: ﴿ويُحِبُّ المُتَطَهَّرِيَن﴾ من الذنوب.
وقال عطاءُ: بالماءِ.
قال أبو جعفر: وقول عطاءٍ أولى، للحديث، أن النبي ﷺ قال - لأهل مسجد قباء -: "إنَّ الله قد أثنى عليكم في الطهور خيراً، أفلا تخبرونني؟ قالوا: يا رسول الله نَجِدُهُ مكتوباًَ علينا في التوراة: الاستنجاءُ بالماء".
وهذا لما نزل: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّروُا﴾.
{"ayah":"وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِیضِۖ قُلۡ هُوَ أَذࣰى فَٱعۡتَزِلُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ فِی ٱلۡمَحِیضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ یَطۡهُرۡنَۖ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَیۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلتَّوَّ ٰبِینَ وَیُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِینَ"}