قولُه عزَّ وجل: ﴿لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾.
قال مجاهدٌ: يعني مهاجري قريش الذين كانوا بالمدينة.
وقال غيره: معنى ﴿أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ مَنَعهُمْ فَرْضُ الجهادِ من التصرُّفِ.
وقيل: شَغَلَهُمْ عَدُوُّهُمْ بالقتال عن التصرُّفِ.
قال أبو جعفر: واللغةُ توجبُ أنَّ (أُحْصِرُوْا) من المرضِ، إلاَّ أنه يجوز أن يكون المعنى: صودفوا على هذه الحَالِ.
* ثم قال تعالى: ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ﴾.
قيل: قد أَلْزمُوا أَنْفُسَهم الجهادَ، كما يقال: لا أستطيع أن أعصيك، أي قد ألزمتُ نفسي طاعتَك.
* ثم قال تعالى: ﴿يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ﴾.
ليس الجهلُ ها هنا ضِدَّ العَقْلِ، وإنما هو ضِدُّ الْخِبْرَةِ.
* ثم قال تعالى: ﴿تَعْرِفُهُم بِسِيْمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً﴾.
يقالُ: أَلْحَفَ في المسْأَلَةِ، وأَخْفَى، وأَلَحَّ، بِمَعْنىً واحِدٍ
وفي الحديث عن النبي ﷺ: "مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ دِرْهَمَاً فَقَدْ أَلْحَفَ".
قال أبو إسحاق: معناه فقد شَمِل بالمسألة، ومنه اشتق اللَّحاف، قال: ومعنى ﴿لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً﴾ لا يكون منهم سؤالٌ، فيكون إلحاف، كما قال الشاعر:
على لاَ حِبٍ لا يُهْتَدَى بَمَنَارِهِ * إذَا سَافَهُ العَوْدُ النَّبَاطِيُّ جَرْجَرا
أي ليس به مَنَارٌ فَيُهْتَدَى به.
{"ayah":"لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ ضَرۡبࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِیمَـٰهُمۡ لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمٌ"}