وقولُه جلَّ وعزَّ ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾.
قال أبو جعفر: ليس بين أهل التفسير اختلافٌ، أنَّ هذا ناسخٌ لقوله تعالى: ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ إلى آخر الآية، ولقوله ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾.
فكان من زنى من النِّساء، حُبْستْ حتى تموت، ومن زنى من الرجال أُوذي.
قال مجاهد: بالسبِّ، ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾.
واختلفوا في المعنى:
فقال أكثر أهل التفسير: هذا عامٌّ يُراد به خاصٌّ.
والمعنى: الزانيةُ والزاني من الأبكار، فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدة.
وقال بعضهم: هو عامٌّ على كلِّ منْ زنى، من بِكرٍ ومحصنِ، واحتجَّ بحديث عُبادة، وبحديث عليٍّ رضي الله عنه، أنه جَلَد شُرَاحَةَ يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتُها بكتاب الله عزَّ وجلَّ ورجمتُها بسنة رسول الله ﷺ.
وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ﴾.
قال مجاهدٌ، وعطاء، والضحَّاكُ: أي في تعطيل الحدود.
والمعنى على قولهم: لا تَرْحَموهُما فتتركُوا حدَّهما إذا زنيا.
وقوله جلَّ وعز ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾.
رُوي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الطائفةُ: الرجلُ فما فوقه.
ورَوَى ابنُ أبي نَجِيحٍ عن مجاهد قال: الطائفةُ: الرجلُ فما زاد.
وكذا قال الحسن والشَّعبيُّ.
وروى ابنُ عُيينه عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: الطائفةُ الرجلان فصاعداً.
وقال مالك: الطائفة أربعة.
قال أبو إسحاق: لا يجوز أن تكون الطائفةُ واحداً، لأن معناها معنى الجماعة، والجماعة لا تكون لأقلَّ من اثنين لأن معنى "طائفة" قطعة، يُقال: أكلتُ طائفةٌ من الشَّاةِ أي قطعةً منها.
وقد رَوَى ابنُ أبي نجيح عن مجاهد في قولِ الله عزَّ وجل ﴿وإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ أنَّهما كانا رجلين.
قال أبو جعفر: إلاَّ أنَّ الأشبه بمعنى الآية ـ واللهُ أعلمُ ـ أن تكون الطائفة، لأكثر من واحدٍ في هذا الموضع، لأنه إنما يُراد به الشُّهْرةُ، وهذا بالجماعة أشبهُ.
{"ayah":"ٱلزَّانِیَةُ وَٱلزَّانِی فَٱجۡلِدُوا۟ كُلَّ وَ ٰحِدࣲ مِّنۡهُمَا مِا۟ئَةَ جَلۡدَةࣲۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةࣱ فِی دِینِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۖ وَلۡیَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}