وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ﴾.
قال أبو جعفر: فيه قولان.
أحدهما: رواه عليُّ بنُ أبي طَلْحةَ عن ابنِ عباس قال: لا يُقسموا أَلاَّ ينفعوا أحداً.
والآخر: أن المعنى: لا يقصِّروا، من قولهم ما أَلَوْتُ أن أفعلَ.
قال هشام: ومنه قولُ الشاعر:
أَلاَ رُبَّ خَصْمِ فِيكَ أَلْوى رَدَدْتُهُ * نَصِيحٍ عَلَى تَعْذَالَهِ غَيْرُ مُؤْتَلي
قال أبو جعفر: القولُ الأولُ أَوْلى، لأنَّ الزُّهريَ روى عن سعيد بن المسيّب، وعروةَ، وعلقمةَ بنِ وقَّاص، وعُبيد اللهِ بن عبدِاللهِ، عن عائشةَ قالت: كان أبو بكر يُنفقُ على "مِسْطَحِ بنِ أُثَاثة" لقرابتِهِ وفقرِه، فقال: "واللهِ لا أُنفقُ عليه بعدما قالَ في عائشة ما قال" فأنزل الله عزَّ وجل ﴿وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ﴾.
قال أبو جعفر: والتقديرُ في العربية: ولا يحلفْ أولُو الفضلِ كراهةَ أن يُؤْتوا، وعلى قول الكوفيِّين: لأَنْ لا يؤتوا.
ومن قال معناه: ولا يُقصِّرْ، فالتقديرُ عنده: ولا يُقصِّرْ أولو الفضلِ عن أن يُؤتوا.
فإن قيل:﴿أُولُو﴾ لجماعةٍ، وفي الحديث أن المرادَ أبو بكرٍ؟
فالجوابُ: أنَّ عليَّ بنَ الحَكَم رَوَى عن الضحَّاك قال قال أبو بكرٍ وغيرُه من المسلمين: لا نَبَرُّ أحداً ممَّن ذكرَ عَائشةَ، فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ﴾ إلى آخر الآية.
{"ayah":"وَلَا یَأۡتَلِ أُو۟لُوا۟ ٱلۡفَضۡلِ مِنكُمۡ وَٱلسَّعَةِ أَن یُؤۡتُوۤا۟ أُو۟لِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ وَلۡیَعۡفُوا۟ وَلۡیَصۡفَحُوۤا۟ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ"}