وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا﴾.
قال عبدُاللهِ بن عباس: إنما هو حتَّى تستأذنوا.
قال مجاهد: هو التَّنْحنُح، والتَّنخُّمُ.
قال أبو جعفر: الاستئناسُ في اللُّغة: الاستعلامُ، يُقال: استأنستُ فلم أَرَ أحداً، كما قال النَّابغةُ:
كَأَنَّ رَحْلَي وَقَدْ زَالَ النَّهارُ بِنَا * بِذِي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ
أي على ثور قد فَزِع، فهو يستعلم ذلك، ومنه قول الشاعر:
آنَسَتْ نَبْأَةً وَأَفْزَعَهَا القَنَّا * صُ عَصْراً وَقَدْ دَنَا الإِمْسَاءُ
ومنه قولُه جلَّ وعز ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدَاً﴾ أي علمتم.
ويُبيِّن لك هذا الحديثُ المرفُوع.
رَوَى أبو بُردةَ عن أبي موسى الأشعريِّ قال: (جئت إلى عمر بن الخطاب أَسْتأذنُ عليه، فقلتُ: السَّلامُ عليكم أندخل؟ ثلاث مرات، فلم يُؤْذَنْ لي، فقال: فَهَلاَّ أقمت؟ فقلتُ إني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "لِيَستَأْذِنِ المرءُ المسلمُ على أخيهِ ثلاثَ مرَّاتٍ، فإن أُذِنَ وإلاَّ رَجَعَ" فقال: لتأتينِّي على هذا بمن يشهدُ لك، أو لتَنَالنَّك مني عقوبةٌ! فجئتُ إلى "أُبيِّ بن كعبٍ" فجاءَ فشَهد لي).
قال أبو جعفر: فهذا يبيِّن لك أنَّ معنى ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ حتى تستعلموا: أَيُؤْذنُ لكم أم لا؟
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ"}