وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباًً﴾.
أي يسوقه ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ أي يجمعُ القِطَعَ المتفرِّقةَ، حتى تتألَّف ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً﴾ أي بعضَه فوقَ بعضٍ ﴿فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ﴾.
الوَدْقُ: المَطَرُ، يُقال: وَدَقَتْ سُرَّتُه تَدِقُ، وَدْقاً، وَدِقَةً، وكلُّ خارجٍ وَادِقٌ كما قال:
فَلاَ مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها * وَلاَ أَرْضَ أبْقَلَ إِبْقَالَهَا
و "خِلاَلٌ" جَمْعُ خَلَل، يُقال: جَبَلٌ، وجِبَالٌ.
* ثم قال جلَّ وعز: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ﴾.
قيل: المعنى من جبالِ بَرَدٍ فيها، كما تقول: هذا خاتَمٌ في يدي من حديد، أي هذا خاتَمُ حديدٍ في يدي.
كما يُقال: جبالٌ من طين، وجبالُ طينٍ.
وقيل: إن المعنى من مقدار جبالٍ، ثم حذف كما تقول: عند فلان جِبَالُ مالٍ.
والأخفشُ يذهب إلى أنَّ "مِنْ" فيهما زائدة أي جبالاً فيها بَرَدٌ.
قال: وقال بعضهم: الجبالُ من بردٍ ﴿فِيهَا﴾ في السَّماء، وتجعلُ الإِنزال منها.
وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ﴾.
أي ضوءُ بَرْقه.
ورَوَى ربيعةُ بن أبيضَ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "البَرْقُ: مخاريقُ الملائكة".
وقال عبدالله بن عَمْروٍ: هو ما يكون من جبال البَرَد.
حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثني عبداللهِ بن أحمد ابن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرِّف أنه قرأ ﴿يَكَادُ سَنَاءُ بُرَقِهِ﴾.
قال أحمد بن يحيى: وهو جمعُ بُرْقَةٍ.
قال أبو جعفر: البُرْقَةُ: المقدارُ من البَرْق، والبَرْقَةُ: المرَّة الواحدة، مِثْلُ غُرْفةٍ، وغَرْفَة.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یُزۡجِی سَحَابࣰا ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیۡنَهُۥ ثُمَّ یَجۡعَلُهُۥ رُكَامࣰا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ یَخۡرُجُ مِنۡ خِلَـٰلِهِۦ وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مِن جِبَالࣲ فِیهَا مِنۢ بَرَدࣲ فَیُصِیبُ بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ وَیَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن یَشَاۤءُۖ یَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ یَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَـٰرِ"}