قوله جلَّ وعز: ﴿وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ﴾.
قال سعيد بن جبير والضحاك: الربانيُّ: الفقيهُ العالم.
وقال أبو رزين: هو العالم الحليم.
والألفُ والنونُ يأتي بهما العرب للمبالغة، نحو قولهم:
جُمَّانيٌّ للعظيم الجُمَّة، وكذلك سَكْران أي ممتلىٌ سُكْراً.
فمعنى الربَّاني: العالمُ بدين الربِّ، الذي يعمل بعلمه، لأنه إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم.
ورُوي عن ابن الحنفية أنه قال لمَّا مات ابن عباس: "مات رَبَّانِيُّ هذهِ الأمة".
ومعنى ﴿وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ﴾ ولكن يقول: كونوا ربانيين، ثم حُذِفَ لعلم السامع.
وقال ابن زيد: الربانيُّون: الولاةُ، والأحبارُ: العلماءُ.
وقال مجاهد: الربانيون فوق الأحبار.
قال أبو جعفر: وهذا القول حسنٌ، لأن الأحبار هم العلماء، والربَّانِيُّ الذي يجمع إلى العلم البصر للسياسة، مأخوذٌ من قولِ العرب: ربَّ أمرَ النَّاس يَرُبُّه: إذا أصْلَحه وقامَ به، فهو رابٌّ، وربَّانِيُّ على التكثير.
* ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً﴾.
ومن قَرَأ ﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ﴾ بالنصب، فمعناه عنده: ولا يأمرُكم البشرُ، لأنه معطوفٌ على ما قبله.
ومن قَرَأ ﴿وَلاَ يَأْمُرُكُمْ﴾ بالرفع، فمعناه عنده: ولا يأمُركم اللهُ، كذا قال سيبويه.
{"ayah":"مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُؤۡتِیَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا۟ عِبَادࣰا لِّی مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُوا۟ رَبَّـٰنِیِّـۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ"}