الباحث القرآني

وقولُه جل وعزَّ: ﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ﴾. في هذه الآية أقوالٌ: أ- فمنها ما رَوَى ابنُ عُيَيْنةَ، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائشة قالت: ما مات رسولُ الله ﷺ حتَّى أُحِلَّ له النِّساءُ. ب- وقال الحسن: لما خَيَّر النبي ﷺ أزواجَهُ فاخْترنَهُ، شكرَ اللهُ جلَّ وعزَّ لهنَّ ذلك، فحرَّم على النبي ﷺ أن يتزوَّج غيرهنَّ، أي فامتحنه بذلك كما امتحنهنَّ. ج- وقال عليُّ بنُ الحسين: قد كان له أن يتزوَّج. قال أبو جعفر: هذه الثلاثة الأقوالِ غيرُ متناقضة. تقول عائشة: ما ماتَ رسول الله ﷺ حتى أُحِلَّ لهُ النِّساءُ، إسنادُه جيِّد، ويُتأوَّل على أنه ناسخٌ للحظر، ويُحتجُّ به في أنَّ السُنَّة تنسخُ القرآن، كما قالَ جلَّ وعزَّ ﴿إنْ تَرَكَ خَيْرَاً الوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالأَقرَبِيِنَ﴾ وقال النبي ﷺ: (لا وصيَّةَ لوارثٍ). ومذهب الضحاك أن الناسخ لها قوله ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَ وتُؤْوي إلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾. وهذا لا يصحُّ، لأنَّ بعده ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ﴾. وقولُ علي بن الحسين عليه السلام، يجوز أن يكون يرجع إلى قول عائشة وإن كان قد أنكر قول الحسن، فإن الحسن لم يذكر أن الآية منسوخة فيجوز أن يكون أنكره من هذه الجهة، وتكون الآية عنده منسوخة. وعَوَّضَ اللهُ جلَّ وعزَّ نساءَ النبي ﷺ من ذلك، أن جعلهنَّ أزواجَهِ في الجنة. وفي الآية غيرُ هذا، قال زيادُ بنُ عبدالله، سألتُ أُبَيَّ بنَ كعبٍ عن قول الله جلَّ وعز ﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ﴾ فقلت: أكان يحِلُّ لهُ أن يتزوَّج؟ فقال: نعم، ما بأسٌ بذلك، قال الله جل وعزَّ ﴿إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ إلى قوله ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ * ثم قال جل وعزَّ ﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ﴾ أي لا يحلُّ لك الأُمَّهات، ولا الأخواتُ، ولا البناتُ، فهذا قولٌ آخر. أي لا يحلُّ لك النِّساءُ مِن بعدِ مَنْ أحللنا، إلاَّ ما ملكتْ يمينك. وقال مجاهدٌ، وسعيدُ بن جبير، وعطاءُ، والحَكَمُ قولاً آخر. قالوا ﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ﴾ أي لا يحل لك اليهودياتُ، ولا النصرانيات. قال مجاهد: أي لا يحلُّ أن تتزوج كافرة فتكون أمَّاً للمؤمنين، ولو أعجبك حسنُها، إلاَّ ما ملكت يمينك، فإنَّ له أن يَتَسرَّى بها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب