ثم قال جل وعز: ﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً﴾.
قال أبو جعفر: السَّدُّ، والسُّدُّ: الجبلُ، والمعنى أعميناهم، كما قال:
وَمِنَ الحَوَادِثِ ـ لا أَبَالَكِ ـ أَنَّني * ضَرَبتْ عَليَّ الأرضُ بالأَسْــدَادِ
لاَ أَهْتَدِي فِيهَا لِمَوْضِع تَلْعَةٍ * بينَ العُذَيْبِ وَبَيْنَ أَرْضِ مُرَادِ
قال عكرمة: كلُّ ما كان من صنعةِ اللهِ عز وجل فهو سَدٌّ، وما كان من صنعة المخلوقين فهو سُدٌّ.
وقال ابنُ أبي إسحقَ: كلُّ ما لا يُرى فهو سَدٌّ، وما رُئي فهو سُدٌّ.
ويُروى أنهم أرادوا النبيَّ ﷺ بسوءٍ، فأحال الله جلَّ وعزَّ بينهم وبينه، أي فصاروا كأنَّ بينهم وبينه سَدَّاً، وكأنَّ في أعناقهم أغلالاً، كذا قال عكرمة، ونزلت في أبي جهلٍ.
* ثم قال جلَّ وعز: ﴿فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾.
التَّغْشيةُ: التَّغطيةُ، ورُوي عن ابن عباس، وعمرَ بن عبدالعزيز ﴿فَأعْشَيْنَاهُمْ﴾ بالعين غير مُعجمة، كما قال تعالى ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانَاً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.
{"ayah":"وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ سَدࣰّا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدࣰّا فَأَغۡشَیۡنَـٰهُمۡ فَهُمۡ لَا یُبۡصِرُونَ"}