وقولُه جل وعز: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ﴾.
قال يعلى بنُ أُمَيَّةَ: سألتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلتُ: إنما كان هذا وَقْتَ الخوف، وقد زال. فقال: عَجِبْتُ مما عَجِبْتَ منه، فسألتُ رسول الله ﷺ فقال: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ".
ومعنى ﴿ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ﴾ سافرتم، كما قال:
﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾.
وفي معنى قوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ﴾ قولان:
أحدهما: أنه إِبَاحَةٌ، لاَ حَتْمٌ، كما قال: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا﴾.
والقول الآخر: أن هذا فرض المسافر، كما رَوَتْ عَائِشَةُ "فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكعَتَيْنَ، فَأُقِرَّتْ [فِي السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي] صَلاَةِ الْحَضَرِ". ويكونُ مثلَ قوله: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَليْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، والطوافُ حَتْمٌ.
ورُويَ عن أُبيِّ بنِ كعبٍ أن قرأ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وليس فيه ﴿إِنْ خِفْتُمْ﴾.
فالمعنى على قِرَاءَتِهِ: كَرَاهَةَ أن يفتنكم الذين كفروا، ثم حَذَفَ، مِثْلَ (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ).
يُقَالُ: قَصَرَ الصلاة، وقَصَّرَهَا، وأَقْصَرَها.
* ثم قال جل وعز: ﴿إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾.
عَدُوٌ ههنا بمعنى أَعْدَاءٍ.
{"ayah":"وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُوا۟ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن یَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ كَانُوا۟ لَكُمۡ عَدُوࣰّا مُّبِینࣰا"}