وقوله عزَّ وجل ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾.
يقال: كيف استثنى ﴿مَا قَدْ سَلَفَ﴾ مما لم يكن بَعْدُ؟
فالجواب: أن هذا استثناء ليس من الأول، والعربُ تقول: ما زاد إلاَّ مَا نقصَ.
و [سيبويه] يجعل "إلاَّ" بمعنى "لكنْ" المعنى لكنْ مَا قَدْ سَلَفَ فإنه مَغْفُوْرٌ، أَوْ فَدَعُوهُ.
ثم قال عز وجل: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً﴾.
يقال: لِمَ جيء بـ (كان) وهو بكل حالٍ فَاحِشَةٌ؟
ففي هذا جوابان:
قال أبو إسحاق: قال أبو العباس محمد بن يزيد:
"كان" ههنا زائدةٌ، والمعنى: إنه فَاحِشَةٌ، وأَنْشَدَ:
فَكَيْفَ إِذَا رَأَيْتَ دِيَارَ قَوْمٍ * وَجِيرَانٍ لَنَا كَانُوا كِرَاْمِ
قال أبو جعفر: قال أبو إسحاق: وهذا عندي خطأٌ، لأن "كان" لو كانت زائدة، وَجَبَ أن يكون "إنه كان فَاحِشَةٌ ومَقْتٌ".
والجوابُ: أن هذا كان مستقبحاً عندهم في الجاهلية، يُسَمُّوْنَهُ فاحشةً ومقتاً.
والمَقْتُ أَشَدُّ البُغْضِ، ويُسمُّون المولودَ منه المَقْتِيَّ، فَأَعْلَمَ اللهُ جلَّ وعزَّ أنَّ هذا الذي حَرَّمَهُ كان قبيحاً في الجاهلية مَمْقُوْتَاً.
{"ayah":"وَلَا تَنكِحُوا۟ مَا نَكَحَ ءَابَاۤؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَمَقۡتࣰا وَسَاۤءَ سَبِیلًا"}