وقوله جل وعز: ﴿مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا﴾.
قال الحسن: من شفع أُثِيْبَ وإن لم يُشَفَّعْ، لأنه قال جَلَّ وَعَزَّ: ﴿مَّن يَشْفَعْ﴾ ولم يقل: من يُشَفَّعْ.
وقال أبو موسى الأشعري رحمه الله: كُنَّا عند النبي ﷺ، فجاء سائل، فقال النبي ﷺ: "اشفَعُوا تُؤْجَروا، ويَقضِي اللهُ على لِسَان نبيِّهِ ما شاء".
* ثم قال جل وعز: ﴿وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا﴾.
رُوي عن أبي موسى أنه قال: الكِفْلُ: النصيبُ، أو قال: الحَظُّ، كذا في الحديث.
وقال قتادة: الكِفْلُ: الإِثمُ.
والمعروفُ عند أهل اللغة أن الكفلَ النصيبُ، ويقالُ: اكْتَفَلْتُ البعير، إذا جعلت على موضعٍ منه كِسَاءً أو غيرَهُ لِتَرْكَبَهُ.
وهذا مأخوذٌ من ذاك، لأنك إنما تجعله على نصيب مثله.
* وقوله جل وعز ﴿وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً﴾.
في معناه قولان:
رَوَى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿مَقِيتَاً﴾.
يقول: حفيظاً.
وبإسنادِهِ ﴿مقيتاً﴾ يقول: قديراً.
وحكى الكسائيُّ أنه قال: أقاتَ يقيتُ، إذا قَدَّرَ.
وقال الشاعر:
وَذِي ضِعْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ * وكُنْتُ عَلَى مَسَاءَتِهِ مُقِيتَاً
والقولُ أنَّ المقيتَ: الحفيظُ.
قال أبو إسحق: وهذا القول عندي أصحُّ من ذاك، لأنه مَأْخُوْذٌ من القُوْتِ، والقوتُ مقدارُ ما يحفظ الإِنسان.
وقال الشاعر:
أَلِيَ الفَضْلُ أمْ عليَّ إذا حُوْ * سِبْتُ إنِّي عَلَى الحِسَابِ مُقِيتُ
وفي الحديث: "كَفَى بالمرءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ من يُقِيتُ".
أي يَحْفَظُ.
ويُروى "يَقُوْتُ".
{"ayah":"مَّن یَشۡفَعۡ شَفَـٰعَةً حَسَنَةࣰ یَكُن لَّهُۥ نَصِیبࣱ مِّنۡهَاۖ وَمَن یَشۡفَعۡ شَفَـٰعَةࣰ سَیِّئَةࣰ یَكُن لَّهُۥ كِفۡلࣱ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ مُّقِیتࣰا"}