وقوله جلَّ وعز ﴿قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ﴾.
المعنى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله إيمان الموحِّدين، لأن أهل الكتاب يؤمنون بالله، ويقولون: له ولدٌ، تعالى عن ذلك.
ويؤمنون بالآخرة، ويقولون: لا أكل فيها ولا شراب، فهذا خلاف على ما أمر الله له جل وعز.
* ثم قال جل وعز ﴿وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ﴾.
قال أبو عبيدة: مَجَازُهُ: ولا يطيعون طاعةَ الحق.
قال أبو جعفر: أي طاعَةَ أهلِ الإِسلام، وكل مُطيعٍ مَلِكاً، فهو دائنٌ له، يُقال: دَانَ فلانٌ لفلانٍ.
قال زهير:
لَئِنْ حَلَلْتَ بِجَوٍّ فِي بَنِي أَسَدٍ * فِي دِينِ عَمْروٍ، وَحَالَتْ دُونَنَا فَدَكُ
* ثم قال جل وعز ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ﴾.
وهم اليهود والنصارى، وسنَّ رسولُ الله ﷺ في المجوس أن يُجْرَوا مُجراهم.
* ثم قال جل وعز ﴿حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.
روى أبو صالح عن ابن عباس في قوله جل وعز ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ قال: يمشون بها مُلَبِّينَ.
وروى عطاء عن أبي البَخْتَرِي عن سلمان قال: مذمومين.
وروى محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿عَن يَدٍ﴾ قال: عن مَهْرٍ.
وقيل: معنى (يَدٍ) عن إنعام يدٍ، أي عن إنعام منكم عليهم، لأنهم إذا أُخِذت منهم الجزية فقد أُنْعم عليهم بذلك.
وقيل - وهو أصحُّها - يُؤَدُّونها بأيديهم، ولا يُوجِّهون بها، كما يفعل الجَبَّارون.
وقال سعيد بنُ جبير: يَدْفَعُها وهو قائمٌ، والذي يأخُدُها منه جالس.
وأكثر أهل اللغة على أن المعنى عن قهرٍ وذلةٍ كما تقول: اليَدُ في هذا لفلانٍ.
ومذهب الشافعي في هذا أن تُؤخَذَ الجزية منهم، وأحكام المسلمين جاريةً عليهم.
ثم قال ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.
قال أبو عُبيدة: الصَّاغِر: الذليلُ الحقير.
وقال غيره: الذي يُتَلْتَلُ، ويُعَنَّفُ به.
{"ayah":"قَـٰتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَلَا یُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا یَدِینُونَ دِینَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ حَتَّىٰ یُعۡطُوا۟ ٱلۡجِزۡیَةَ عَن یَدࣲ وَهُمۡ صَـٰغِرُونَ"}