وقوله جل وعز ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾.
في معنى هذا أقوالٌ منها:
أنَّ أنس بن مالك رَوَى أن "أبا طلحة" تأوَّلَهَا: شباباً، وشيوخاً.
وقال المقداد: لا أجدُني ألا مُخفًّا أو مثقلاً.
وقال الحسن: في العسرِ واليسر.
وروى سفيان عن حصين بن عبدالرحمن عن أبي مَلَكٍ الغفاري قال: أول ما نزل من سورة براءة ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾
وقال أبو الضحى: كذلك أيضاً.
ثم نزل أولها وآخِرها.
ورَوَى ابنُ أبي نجيحٍ عن مجاهد ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ قال: فيه الثقيلُ، وذو الحاجةِ، والضّيعَةِ، والشغل، وأنزل اللهُ عزَّ وجل ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾.
وروى سفيان عن منصور في قوله ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ قال: مَشَاغِيلَ، وغير مشاغِيلَ.
وقال قتادة: ومذهب الشافعي: ركباناً ومشاةً.
وقال قتادة: نشاطاً وغير نشاطٍ.
وقال زيد بن أسلم: المثقلُ، الذي له عيالٌ، والمخففُّ: الذي لا عيال له.
وهذا حين كان أهل الإسلام قليلاً، ثم نزل ﴿ومَا كَانَ المُؤمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متقاربة.
والمعنى: انفروا على كل الأحوال.
ومن أجمعِ هذه الأقوال قولُ الحسن.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم بنُ محمد الكناني بالأنبار، قال: نا نَصْرُ بنُ عليِّ، قال: أخبرني أبي قال: نا شعبةُ عن منصور بن زادان عن الحسن ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ قال: في العُسْرِ واليُسْرِ.
وقولُ أبي طلحة حسنٌ، لأن الشاب تخفُّ عليه الحَرَكَةُ، والشيخُ تثقل عليه.
{"ayah":"ٱنفِرُوا۟ خِفَافࣰا وَثِقَالࣰا وَجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}