الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ يعني: يا أهل مكة، وذلك حين دعوه إلى دين آبائهم، فقال: إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي الإسلام، وترجون أن أرجع إلى دينكم، وأترك هذا الدين فلا أفعل ذلك، وهو قوله: فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الآلهة، ويقال: معناه، إن كنتم فى شك من ديني، فأنا مستيقن في دينكم ومعبودكم أنهما باطلان، فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ يعني: أوحده وأطيعه الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ يعني: يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني: مع المؤمنين على دينهم، ولا أرجع عن ذلك. قوله تعالى: وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ يعني: أن الله تعالى، قال لي في القرآن: أن أخلص عملك ودينك لِلدِّينِ حَنِيفاً يعني: استقم على التوحيد مخلصاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أو يقال: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين. إلى هاهنا أمر النبيّ ﷺ أن يقول ذلك للكفار، وقد تمّ الكلام إلى هذا الموضع. ثم قال الله تعالى للنبي ﷺ بهذا أمرتك وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً يعني: وأمرتك أن تخلص عملك ودينك لِلدّينِ حَنِيفاً يعني: استقم على ذلك مستقيما. والحنف في اللغة: هو الميل والإقبال على شيء لا يرجع عنه أبداً، لهذا سُمِّيَ الرجل أحنف، إذا كان أصابع رجليه مائلاً بعضها إلى بعض. ثم قال تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: لا تعبد غير الله مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ يعني: ما لا ينفعك إن عبدته، ولا يضرك إن عصيته، وتركتَ عبادته، فَإِنْ فَعَلْتَ ذلك، يعني: فإن عبدت غير الله فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ يعني: الضّارّين أنفسهم. قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ يعني: إنْ يصبك الله بشدة أو بلاء فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، يعني: لا دافع لذلك الضر إلا هو. يعني: لا تقدر الأصنام على دفع الضر عنك وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ يعني: إن يُصِبْكَ بسعة في الرزق وصحة في الجسم، فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يعني: لا مانع لعطائه. يُصِيبُ بِهِ يعني: بالفضل مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ من كان أهلاً لذلك. وَهُوَ الْغَفُورُ لذنوب المؤمنين، الرَّحِيمُ بهم. فأعلم الله تعالى أنه كاشف الضر، ومعطي الفضل في الدنيا، وهو الغفور في الآخرة، للمؤمنين، الرحيم بقبول حسناتهم. قال الفقيه رضي الله عنه، حدثنا محمد بن الفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا شيخ بصري عن الحسن، أنه قال: قال عامر بن قيس: ما أبالي ما أصابني من الدنيا وما فاتني منها، بعد ثلاث آيات ذكرهن الله تعالى في كتابه قوله: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ وقوله: مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر: 2] وقوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: 6] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب