قوله تعالى: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى يعني: هذا الذي وصفت لك وقصصت عليك من أخبار الأمم، والقرون الماضية، نَقُصُّهُ عَلَيْكَ يعني: ينزل جبريل، ليقرأ عليك ليكون فيها دليل نبوتك، مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ يعني: من تلك القرى قائم، ومنها ما هو حصيد. والقائم، يعني: الظاهر ينظر إليه الناظر، والحصيد: يعني، خرب وهلك أصحابه. ويقال: القائم على بنيانه، والحصيد ما خرب. وقال قتادة: مِنْها قائِمٌ يعني: خاوية على عروشها وَحَصِيدٌ، يعني: مستأصلة. وقال الضحاك: مِنْها قائِمٌ يعني: مدينة عاد هلكوا، وبقيت مساكنهم، وَحَصِيدٌ يعني: مدائن قوم لوط، حصدت: أي قلعت من الأرض السفلى.
ثم قال تعالى: وَما ظَلَمْناهُمْ يعني: لم نعذبهم بغير ذنب، وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يعني: أضروا بأنفسهم حيث أكلوا رزق الله، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله، فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ يعني: ما نفعتهم عبادة آلهتهم، الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إنما سماهم آلهة على وجه المجاز، يعني: آلهتهم بزعمهم، ولم يكونوا آلِهَة في الحقيقة. ومعناه: أصنامهم لا تقدر أن تمنعهم من عذاب الله من شيء، لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ يعني: حين جاء عذاب ربك، وقال القتبي: إذا رأيت لِلَمَّا جواباً فهو بمعنى حين، كقوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ [الزخرف: 55] يعني: حين أغضبونا، وكقوله: لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ يعني: حين جاء أمر ربك، يعني: عذاب ربك، وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ يعني: غير تخسير، كقوله: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد: 1] أي خسرت.
{"ayahs_start":100,"ayahs":["ذَ ٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَیۡكَۖ مِنۡهَا قَاۤىِٕمࣱ وَحَصِیدࣱ","وَمَا ظَلَمۡنَـٰهُمۡ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡۖ فَمَاۤ أَغۡنَتۡ عَنۡهُمۡ ءَالِهَتُهُمُ ٱلَّتِی یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲ لَّمَّا جَاۤءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَمَا زَادُوهُمۡ غَیۡرَ تَتۡبِیبࣲ"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَیۡكَۖ مِنۡهَا قَاۤىِٕمࣱ وَحَصِیدࣱ"}