الباحث القرآني

قوله تعالى: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ يعني: هكذا عقوبة ربك، إِذا أَخَذَ الْقُرى يعني: إِذا عاقب القرى، وَهِيَ ظالِمَةٌ يعني: أهلها كفار جاحدون بوحدانية الله تعالى. قرأ عاصم الجحدري: إِذا أَخَذَ، بألف واحدة، لأن إذ تستعمل للماضي، وإذا تستعمل للمستقبل، وهذه حكاية عن الماضي، يعني: حين أخذ ربك القرى. وهي قراءة شاذة، وقراءة العامة: إِذا أَخَذَ بألفين، ومعناه: هكذا أخذ ربك، متى أخذ القرى. ثم قال: إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ يعني: عقوبته مؤلمة شديدة. وروى أبو موسى الأشعري، عن رسول الله ﷺ، أنه قال: «إن الله تَعَالَى يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» [[حديث أبي موسى: أخرجه البخاري (4686) ومسلم (2583) والترمذي (3110) وابن ماجة (4018) والبيهقي: 6/ 96 والبغوي (4162) .]] . ثم قرأ: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ الآية. ثم قال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: في الذي أخبرتك عن الأمم الخالية لعبرة، لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ويقال: في عذابهم موعظة وعبرة بالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر. ويقال: فيه عبرة لمن أيقن بالنار، وأقرّ بالبعث ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ يعني: مجموع فيه الناس، يعني: يجمع فيه الأولون والآخرون وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ يشهده أهل السموات، وأهل الأرض. قوله تعالى: وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يعني: إلى حين معلوم. ويقال: لانقضاء أيام الدنيا. ومعناه: أنا قادر على إقامتها الآن، ولكن أؤخرها إلى وقت معدود، يَوْمَ يَأْتِ يعني: إذا جاء يوم القيامة، ويقال: يَوْمَ يَأْتِ ذلك اليوم، لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ يعني: لا تتكلم نفس بالشفاعة، إلا بأمره، ويقال: معناه: لا يجترئ أحد أن يتكلم من هيبته وسلطانه بالاحتجاج وإقامة العذر، إلا بإذنه. قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، يَوْمَ يَأْتِ بغير ياء في الوصل والقطع، وقرأ الباقون: بالياء عند الوصل. قال أبو عبيدة: القراءة عندنا على حذف الياء في الوصل والوقف. قال: ورأيت في مصحف الإمام عثمان: يَوْمَ يَأْتِ بغير ياء، وهي لغة هذيل. قال: وروي عن عثمان، أنه عرض عليه المصحف، فوجد فيه حروفاً من اللحن، فقال: لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل، لم توجد فيه هذه الحروف، فكأنه قدم هذيلاً في الفصاحة. ثم قال تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ يعني: يوم القيامة من الناس شَقِيٌّ يعني: يعذب في النار، وَسَعِيدٌ، يعني: مكرم في الجنة. قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا يعني: كتب عليهم الشقاوة، فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ قال الربيع بن أنس: الزَّفير في الحلق، والشهيق في الصدر، وروي عن ابن عباس، أنه قال: «زفير كزفير الحمار، وهو أول ما ينهق الحمار، والشهيق وهو أول ما يفرغ من نهيقه في آخره» . ويقال: زفير وشهيق، معناه: أنيناً وصراخاً، خالِدِينَ فِيها يعني: مقيمين دائمين في النار ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ يعني: سماء الجنة وأرضها إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ يعني: إلا من أخرجهم منها وهم الموحدون. وقال الكلبي، ومقاتل: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ يعني: كما تدوم السموات والأرض لأهل الدنيا، فكذلك يدوم الأشقياء في النار إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ أي: يخرجون من النار. وقال الضحاك: يعني: سماء القيامة وأرضها، وهما باقيتان. ويقال: العرب كانت من عادتهم، أنهم إذا ذكروا الأبد يقولون: ما دامت السموات والأرض، فذكر على عادتهم على ما يتعاهدون ويتفاهمون، ومعناه: إنهم خالدون فيها أبداً. ثم قال: إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ إن شاء أدخل النار خالداً، وإن شاء أخرجه إن كان موحداً، وأدخله الجنة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب