قوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ يعني: الفزع من الرسل وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بالولد، يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ يعني: يخاصم ويتشفع في قوم لوط. وكان لوط ابن أخيه، وهو لوط بن هازر بن آزر، وإبراهيم بن آزر، ويقال: ابن عمه، وسارة كانت أخت لوط. فلما سمعا بهلاك قوم لوط، اغتما لأجل لوط. وروى معمر، عن قتادة في قوله: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ قال لهم: أرأيتم لو كان فيهم من المسلمين خمسون، أتعذبونهم؟ قالوا: لا نعذبهم. قال:
أربعون؟ قالوا: ولا أربعون. قال: ثلاثون؟ قالوا ولا ثلاثون، حتى بلغوا عشرة. قال مقاتل:
فما زال ينقص خمسة خمسة، حتى انتهى إلى خمسة أبيات، يعني: لو كان فيها خمسة أبيات من المسلمين لم يعذبهم.
ثمّ قال: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ الأواه: الذي إذا ذكر الله تعالى تأوه. مُنِيبٌ:
أي راجع إليه بالتوبة.
وقد ذكرناه في سورة التوبة. ثم قال جبريل يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا يعني: اترك جدالك إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أي عذاب رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ يعني: غير مصروف عنهم.
ثم خرجوا من عند إبراهيم، متوجهين إلى قوم لوط، فانتهوا إليهم نصف النهار، فإذا هم بجواري يستقين من الماء، فأَبصرتهم ابنة لوط وهي تستقي الماء، فقالت لهم: ما شأنكم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ قالوا أقبلنا من مكان كذا، ونريد مكان كذا. فأخبرتهم عن حال أهل المدينة وخبثهم، فأظهروا الغم وقالوا: هل أحد يضيفنا؟ قالت: ليس فيها أحد يضيفكم إلا ذلك الشيخ، فأشارت إلى أبيها لوط وهو على بابه. فأتوا لوطاً فلا رآهم وهيئتهم، ساءه ذلك، فذلك قوله تعالى:
{"ayahs_start":74,"ayahs":["فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَاۤءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ یُجَـٰدِلُنَا فِی قَوۡمِ لُوطٍ","إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّ ٰهࣱ مُّنِیبࣱ","یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَـٰذَاۤۖ إِنَّهُۥ قَدۡ جَاۤءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَإِنَّهُمۡ ءَاتِیهِمۡ عَذَابٌ غَیۡرُ مَرۡدُودࣲ"],"ayah":"فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَاۤءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ یُجَـٰدِلُنَا فِی قَوۡمِ لُوطٍ"}