الباحث القرآني

قوله تعالى: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ قال الكلبي: هنَّ أربع نسوة: امرأة ساقيه يعني: ساقي الملك، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب السجن، وامرأة صاحب دوابّه. ويقال: هن خمس، خامستهن امرأة صاحب الملك. ويقال: أربعون امرأة. ويقال: جماعة كثيرة من النساء اجتمعن في موضع وقلن فيما بينهنّ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ يعني: تطلب عبدها وتدعوه إلى نفسها. قَدْ شَغَفَها حُبًّا قال الحسن: يعني، قد شق شغاف قلبها حبه. وقال عامر الشعبي: الشغوف المحب، والمشغوف المحبوب. وقال القتبي: قَدْ شَغَفَها حُبًّا أي بلغ الحب شغافها، وهو غلاف القلب. ومن قرأ قَدْ شَغَفَها أي فتنها، من قولك: فلان شغوف بفلانة. ويقال: شغف الشيء الشيء إذا علاه قَدْ شَغَفَها أي فتنها، من قولك: فلان شغوف بفلانة. ويقال: شغف الشيء الشيء إذا علاه قَدْ شَغَفَها أي علاها. ويقال: أهلكها، فلا تعقل غيره إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني: في خطأ بيّن. ويقال: في عشق بيّن، فلا تعقل غيره. قوله تعالى: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ يعني: سمعت زليخا بمقالتهن. وإنما سمَّي قولهنّ مكراً والله أعلم، لأن قولهن لم يكن على وجع النصيحة والنهي عن المنكر، ولكن كان على وجه الشماتة والتعيير. أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ فدعتهن وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً يعني: اتخذت لهن وسائد يتكئن عليها لجلوسهنّ، وذلك أنها اتخذت ضيافة، ودعت النسوة، ووضعت الوسائد لجلوسهن. وقال الفراء: من قرأ مُتَّكَأً غير مهموز فإنه الأترج، وكذلك قال ابن عباس. روى منصور عن مجاهد أنه قال: من قرأ مثقلة قال: يعني: الطعام، ومن قرأ: مخففة قال الأترج. ويقال: الزُّمَّاوَرْد وهو نوع من التمر. وقال عكرمة كل شيء يقطع بالسكين وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً يعني: أعطت زليخا كل واحدة من النسوة سكيناً، وأمرت يوسف بأن يلبس أحسن ثيابه، وزيّنته أحسن الزينة وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ يعني: اخرج على النساء، فخرج عليهن. روى أبو الأحوص عن ابن مسعود قال: «أوتي يوسف وأمه ثلث حسن الناس: في الوجه، والبياض، وغير ذلك. وكانت المرأة إذا رأت يوسف، غطّى وجهه مخافة أن تفتن به. فلما خرج يوسف إلى النسوة غطى وجهه فنظرن إليه» فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ يقول: أعظمنه، أي: أعظمن شأنه، وتحيرن، وبقين مدهوشات طائرة عقولهن، وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ يقول: حززن، وخدشن أيديهن بالسكين، ولم يشعرن بذلك وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ يعني: معاذ الله مَا هذا بَشَراً قرأ بعضهم: بالرفع. ما هذا بشر وقرأ بعضهم مَا هذا ببشر يعني: مثل هذا لا يكون بشراً. وقراءة العامة ما هذا بَشَراً بنصب الراء والتنوين، لأنه خبر «ما» . ولأنه صار نصباً لنزع الخافض. ومعناه: مَا هذا بَشَراً يعني: مثل هذا لا يكون آدمياً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ يعني: على ربه. فإن قيل: إنهن لم يرين الملك، فكيف شبّهنه بشيء لم يرينه؟ قيل له: لأن المعروف عند الناس، أنهم إذا وصفوا أحداً بالحسن، يقولون: هذا يشبه الملك، كما أنهم إذا وصفوا أحداً بالقبح، يقولون: هو كالشيطان، وإن لم يروا الشيطان. قرأ أبو عمرو حاشا لِلَّهِ بالألف. وقرأ الباقون: بغير ألف. وكذلك الذي بعده قالَتْ زليخا للنسوة فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ يقول: عذلتني فيه وعبتني فيه فهل عذرتنني؟ فقلن لها: أنت معذورة. قالت: وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ يعني: طلبت إليه أن يمكنني من نفسه فَاسْتَعْصَمَ أي: فامتنع بنفسه مني وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ يعني: احبسه في السجن وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ يعني: من المهانين بالسجن. ويقال: من المذلين. وقرأ بعضهم لَيَكُونُنَّ بتشديد النون، وهذا خلاف مصحف الإمام. وقراءة العامة: وَلَيَكُوناً لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف بالألف. قالَ يوسف رَبِّ يقول: يا سيدي السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي النسوة إِلَيْهِ من العمل القبيح. قرأ بعضهم قالَ رَبِّ السِّجْنُ بنصب السين على معنى المصدر. يقال: سجنته سَجْناً وهي قراءة شاذة. وقراءة العامة بالكسر يعني: نزول بيت السجن أحب إلى مما يدعونني إليه، يعني به: امرأة العزيز خاصة. ويقال: أراد به النسوة اللاتي حضرن هناك، لأنهن قلن له: أطع مولاتك ولا تخالفها، فإن لها عليك حقاً. وقد اشترتك بمالها وهي تحسن إليك، وتحبك، وتطلب هواك. فقال: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ وقال بعض الحكماء: لو أنه قال: رب العافية أحَبُّ إليّ، لعافاه الله تعالى. ولكن لما نجا بدينه، لم يبال بما أصابه في الله. ثم قال: وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ يعني: إذا لم تصرف عني عملهن وشرهن أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أي: أمل إليهن وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ يعني: من المذنبين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب