الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قال بعضهم: يعني: داخلها، المؤمن والكافر يدخلون على الصراط، وهو ممدود على متن جهنم، ويقال: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها يعني الكفار الذين تقدم ذكرهم. وروى سفيان عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، أن نافع بن الأزرق خاصم ابن عباس وقال: لا يردها مؤمن، فقال ابن عباس: «أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر بماذا نخرج منها إن خرجنا» [[عزاه السيوطي: 5/ 535 إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.]] . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «يرد الناس جميعاً الصراط وورودهم قيامهم حول النار، ثم يمرون على الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى أن آخرهم مثل رجل نوره على موضع إهاب قدميه، ثم يتكفأ به الصراط، والصراط دحض [[دحض: دحضت رجله أي زلقت، والإدحاض الإزلاق.]] مزلق [[زلق: بالتحريك، دحض. وهو في الأصل مصدر زلقت وأزلقتها، والمزلق والمزلقة.]] مزلقة كحدّ السيف، عليه حسك [[حسك: ما يعمل من الحديد على مثاله وهو من آلات العسكر كما في الصحاح.]] كحسك العتاد، وحافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس، فبين مارٍ ناج، وبين مخدوش مكدوش [[مخدوش هو الكدوح وخدش وجهه من باب ضرب. وكدش: كدح وبابه ضرب.]] في النار، والملائكة عليهم السلام يقولون: ربِّ سلِّم سلِّم» . وروى سفيان عن ثور بن خالد بن معدان قال: «إذا دَخَلَ أَهْلُ الجنة الجنة قالوا: أَلَمْ يَعِدْنا رَبُّنَا أنّا نرد النّار؟ قيل: إنكم قد مررتم بها وهي خامدة، فذلك قوله عز وجل وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها يعني: الخلائق على الصراط، والصراط في جهنم كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا يعني قضاء واجباً. قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مندوست رحمه الله قال: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا عدي بن عاصم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا جرير عن أبي السليل عن غنيم بن قيس عن أبي العوام قال: قال كعب: «هل تدرون ما قوله وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها؟ قالوا: ما كنا نرى ورودها إلا دخولها. قال: لا، ولكن ورودها أن يجاء بجهنم كأنها متن إهالة، حتى إذا استوت عليها أقدام الخلائق برهم وفاجرهم، نادى مناد: خذي أصحابك وذري أصحابي، فتخسف بكلّ ولي لها، وهي أعلم بهم من الوالد بولده، وينجو المؤمنون نديَّة ثيابهم» . قال الفقيه: وحدثني الثقة بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: «لما نزلت هذه الآية كبا لها الناس كبوةً شديدة، وحزنوا حتى بلغ الحزن منهم كل مبلغ، وقالوا: وليس أحد إلا وهو يدخلها فأنشؤوا يبكون. قال: ونزل بابن مظعون ضيف فقال لامرأته: هيئي لنا طعاماً فاستوصي بضيفك خيراً حتى آتي رسول الله ﷺ، فانتهى إليهم وهم يبكون فقال: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: نزلت هذه الآية وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا يقول: كائناً لا يبقى أحد إلا دخلها، فأنشأ عثمان بن مظعون يبكي، ثم انصرف إلى منزله باكياً، فلما أتى منزله سمعت امرأته بكاءه، فأنشأت تبكي، فلما سمع الضيف بكاءهما أنشأ يبكي، فلما دخل عليهما عثمان قال لها: ما يبكيك؟ قالت: سمعت بكاءك فبكيت، فقال للضيف: وأنت ما يبكيك؟ قال: عرفت أن الذي أبكاكما سيبكيني، قال عثمان: فابكوا وحق لكم أن تبكوا، أنزل الله عز وجل اليوم على رسوله وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فمكثوا بعد هذه الآية سنتين، ثم أنزل الله هذه الآية، وهو قوله: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وروي في بعض الأخبار أنه نزل بعد ثلاثة أيام ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا أي الذين اتقوا الشرك والمعاصي وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ يعني: المشركين فِيها جِثِيًّا يعني: جميعا، ففرح المسلمون بها. قرأ الكسائي. ننجي بالتخفيف، قرأ والباقون بالنصب والتشديد، أنجى ينجي وَنَجَّى ينجي بمعنى واحد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب