الباحث القرآني

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ، نزلت في رؤساء اليهود كانوا يرجون أن يكون النبي- عليه السلام- منهم، فلما كان من غيرهم خشوا بأن تذهب منافعهم من السفلة، فعمدوا إلى صفة النبي ﷺ فغيّروها. ويقال: غيروا تأويلها فنزلت هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ، يعني في التوراة بكتمان صفة النبيّ ﷺ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا، يعني يختارون به عرضاً يسيراً من منافع الدنيا. أُولئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ، يعني يأكلون الحرام. وإنما سمي الحرام ناراً، لأنه يستوجب به النار، كما قال في آية أخرى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [النساء: 10] . وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، أي لا يكلمهم بكلام الخير، لأنه يكلمهم بكلام العذاب حيث قال تعالى: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108] ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، أي ولا يطهرهم من الأعمال الخبيثة السيئة. وقال الزجاج: ولا يزكيهم أي لا يثني عليهم خيراً، ومن لا يثني عليه فهو معذب وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، أي وجيع يعني الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب، وكذلك كل من كان عنده علم فاحتاج الناس إلى ذلك فكتمه، فهو من أهل هذه الآية. وهذا كما روى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ كَتَمَ عِلْماً، أَلْجَمَهُ الله تَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» . ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ، يعني رؤساء اليهود الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى، يعني اختاروا الكفر على الإيمان وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ، يعني اختاروا النار على الجنة فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، يقول: فما الذي أجرأهم على فعل أهل النار؟ ويقال: معناه فما أبقاهم في النار؟ كما يقال: فما أصبر فلاناً على الحبس: أي أبقاه؟ ذلِكَ، أي ذلك العذاب بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ، أي القرآن بِالْحَقِّ، أي بالعدل. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ، أي في القرآن لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ، أي في ضلالة بيِّنة. ويقال: معناه أن الله تعالى أنزل القرآن على محمد ﷺ بالعدل، فتركوا اتباعه وخالفوه فاستوجبوا بذلك العذاب. ويقال: لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ، أي في خلاف بعيد من الحق. وذكر عن قتادة أنه قال: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، أي فما أجرأهم على العمل الذي يقرب إلى النار. وروي عن مجاهد أنه قال: ما أعلمهم بعمل أهل النار. ويريد ما أدومهم على عمل أهل النار. وقال أبو عبيدة: ما الذي صيرهم ودعاهم إلى النار؟ ثم قال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب