الباحث القرآني

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ، يعني كلامه وحديثه، وهو أخنس بن شريق، كان حلو الكلام، حلو المنظر، فاجر السريرة. وروى أسباط عن السدي قال: أقبل أخنس بن شريق إلى رسول الله ﷺ بالمدينة فقال: إنما جئت أريد الإسلام وقال: الله يعلم أني صادق، فأعجب النبيّ ﷺ بقوله ثم خرج من عنده، فمر بزرع للمسلمين فأحرقه، ومر بحمار للمسلمين فعقره، فنزلت هذه الآية: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، أي يعجبك كلامه وحديثه. وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ من الضمير أنه يحبه وهو يريد الإسلام وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ، أي شديد الخصومة. قال القتبي: أي أشدهم خصومة. يقال: رجل ألد بين اللّد واللدد، وقوم لد. كما قال في آية أخرى: وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا [مريم: 97] . ثم قال: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ، يقول: إذا فارقك رجع عنك، سعى في الأرض، أي مضى في الأرض بالمعاصي. لِيُفْسِدَ فِيها، أي يعصي الله في الأرض وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ، أي يحرق الكدس ويعقر الدواب. وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسادَ، أي لا يرضى بعمل المعاصي. وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ في صنعك، أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ، أي الحمية بِالْإِثْمِ، يعني الحمية في الإثم، يعني تكبراً. يقول الله تعالى: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ، أي ولبئس الفراش ولبئس القرار. فهذه الآية نزلت في شأن أخنس بن شريق، ولكنها صارت عامة لجميع الناس فمن عمل مثل عمله، استوجب تلك العقوبة. وقال بعض الحكماء، إن من يقتل حماراً ويحرق كدساً، استوجب الملامة ولحقه الشين إلى يوم القيامة فالذي يسعى بقتل مسلم كيف يكون حاله؟ وذكر أن يهودياً كانت له حاجة إلى هارون الرشيد، فاختلف إلى بابه سنة، فلم تنقض حاجته فوقف يوماً على الباب، فلما خرج هارون الرشيد سعى ووقف بين يديه وقال: اتق الله يا أمير المؤمنين. فنزل هارون عن دابته وخرّ ساجداً لله تعالى، فلما رفع رأسه أمر به، فقضيت حاجته. فلما رجع قيل: يا أمير المؤمنين نزلت عن دابتك بقول يهودي؟ قال: لا ولكن تذكرت قول الله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ إلى آخره. وقال قتادة: ذكر لنا أن النبيّ ﷺ قال: «إِذَا دُعِيْتُمْ إلى الله فَأَجِيبُوا، وإِذَا سُئِلْتُم بالله فَأَعْطُوا فإِنَّ المُؤْمِنِينَ كانوا كذلك» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب