الباحث القرآني

ثم قال: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ، يعني: ما ائتمنوا عليه من أمر دينهم، مما لا يطلع عليه أحد ومما يأمن الناس بعضهم بعضاً. وَعَهْدِهِمْ، يعني: وفاء بالعهد راعُونَ يعني: حافظين. وأصل الرعي في اللغة: القيام على إصلاح ما يتولاه. قرأ ابن كثير والذين هُم لأمانتهم بلفظ الوحدان، وقرأ الباقون بلفظ الجمع، يعني: جميع الأمانات. ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ، يعني: على المواقيت يُحافِظُونَ، لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ويتمونها بركوعها وسجودها. قرأ حمزة والكسائي على صَلاَتِهِمْ بلفظ الوحدان، وقرأ الباقون صَلَواتِهِمْ بلفظ الجماعة، ومعناهما واحد، لأن الصلاة اسم جنس يقع على الواحد وعلى الأكثر، فهذه الخصال صفة المؤمنين المخلصين في أعمالهم. ثم بين ثوابهم، فقال عز وجل: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ، يعني: النازلين. ثم بيّن ما يرثون وأين ينزلون، فقال: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ، وهي البساتين بلغة الروم عليها حيطان، ويقال: لم يكن أحد من أهل الجنة إلا وله نصيب في الفردوس، لأن هناك كلها بساتين وأشجار ويقال: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ، يعني: يرثون المنازل التي للكفار في الجنة- وروى أبو هريرة عن النبيّ ﷺ قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحد إلا وله منزلان، منزل في الجنّة، ومنزل في النّار. فأمّا المؤمن فيبني منزله الذي له في الجنة بهدم منزله الذي له في النّار. وأمّا الكافر فيهدم منزله الذي له في الجنّة ويبني منزله الذي له في النّار.» [[الحديث مثبت في النسخة «أ» وفي النسخة «ب» : بلفظ: روى أبو هريرة عن النبيّ ﷺ هكذا، ولم يذكر متنه. وعزاه السيوطي: 6/ 90 إلى سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث.]] - ويقال: الفردوس البستان الحسن. هُمْ فِيها خالِدُونَ ، يعني: في الجنة دائمون. وقال القتبي: حدثني أبو حاتم السجستاني قال: كنت عند الأخفش وعنده الثوري، فقال: يا أبا حاتم، ما صنعت بكتاب المذكر والمؤنث؟ قلت: قد عملت فيه شيئاً. فقال: ما تقول في الفردوس؟ قلت: مذكر. قال: فإن الله يقول: هُمْ فِيها خالِدُونَ. قلت: أراد الجنة، فأنث. فقال: يا غافل، أما تسمع الناس يقولون أسألك الفردوس الأعلى؟ فقلت: يا نائم، إنما الأعلى هاهنا أفعل وليس بفعلى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب