الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يعني: يقضي بينهم يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الدين. ثم خوف كفار مكة فقال عز وجل: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ يعني: أو لم يبيِّن لهم الله تعالى. وقرئ في الشاذ أولم نهد لَهُمْ بالنون. وقرأ العامة بالياء. كَمْ أَهْلَكْنا يعني: أو لم نبين لهم الهلاك مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يعني: قوم لوط وصالح وهود يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ يعني: يمرون في منازلهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ يعني: في إهلاكهم لآيات لعبرات أَفَلا يَسْمَعُونَ أي: أفلا يسمعون المواعظ فيعتبرون بها. ثم قال عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ يعني: اليابسة الملساء التي ليس فيها نبات. يقال: أرض جرز أي: أرض جدب لا نبات فيها. يقال: جرزت الجراد إذا أكلت، وتركت الأرض جرزاً فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً يعني: نخرج بالماء النبات تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ أي: من الكلأ والعشب والتبن وَأَنْفُسُهُمْ من الحبوب والثمار أَفَلا يُبْصِرُونَ هذه العجائب فيوحّدوا ربهم. قوله عز وجل: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ قال مقاتل: أي متى هذا القضاء وهو البعث؟ وقال قتادة: الْفَتْحُ القضاء. وقال مجاهد: الْفَتْحُ يوم القيامة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ تكذيباً منهم يعنون به النبيّ ﷺ. ثم قال عز وجل: قُلْ يا محمد يَوْمَ الْفَتْحِ يعني: يوم القيامة لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ قال في رواية الكلبي: إن أصحاب النبي ﷺ كانوا يتذاكرون فيما بينهم وهم بمكة قبل فتح مكة لهم. وكان ناس من بني خزيمة كانوا إذا سمعوا ذلك منهم، يستهزئون بهم ويقولون لهم: متى فتحكم هذا الذي كنتم تزعمون؟ ويقولون: فنزل يعني: بني خزيمة. مَتى هذَا الْفَتْحُ يا أصحاب محمد إن كنتم صادقين. قُلْ يا محمد يَوْمَ الْفَتْحِ أي: فتح مكة لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ من القتل وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ حتى يقتلوا. وذلك أن النبيّ ﷺ لما فتح مكة، بعث خالد بن الوليد إلى بني خزيمة، وقد كانت بينه وبينهم إحنة في الجاهلية. يعني: الحقد. فقالوا: قد أسلمنا. فقال لهم: انزلوا. فنزلوا فوضع فيهم السلاح فقتل منهم، وأسر. فبلغ ذلك النبيّ ﷺ فقال: «اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالَدُ بْنُ الوَلِيدِ» ؟ فبعث إليهم علي بن أبي طالب- رضي الله- عنه بالدية من غنائم خيبر، فذلك قوله تعالى: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ من القتل وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يعني: يؤجلون. ثم قال عز وجل: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ يا محمد وَانْتَظِرْ لهم فتح مكة ويقال: العذاب. إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بهلاكك. وروى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبيّ ﷺ كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك. وروى أبَيّ بن كعب عن النبيّ ﷺ أنه قال: «من قرأ الم السَّجْدَة، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَى ليلة القدر» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب