الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ يعني: إن شئت لمسختهم حجارة في منازلهم ليس فيها أرواح فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ ولا يتقدمون، ولا يتأخرون. وهذا قول مقاتل. وقال الكلبي: لو نشاء لجعلناهم قردة وخنازير فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا يعني: فما قدروا ذهاباً، ولا يرجعون. قوله عز وجل: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ يعني: من أطلنا عمره في الدنيا نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ يعني: نرده إلى أرذل العمر، فلا يعقل فيه كعقله الأول. قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر نُنَكِّسْهُ بضم النون الأولى، ونصب الثانية، وكسر الكاف مع التشديد. وقرأ الباقون: نُنَكِّسْهُ بنصب النون الأولى، وجزم الثانية، وضم الكاف، والتخفيف، ومعناهما واحد. يقال: نكسَه ونكسَّه وأنكسه بمعنى واحد. ومعناه: من أطلنا عمره، نكسنا خلقه. فصار بدل القوة ضعفاً. وبدل الشباب هرماً. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر مكاناتهم وقرأ الباقون مَكانَتِهِمْ والمكانة والمكان واحد. مثل المنزل والمنزلة والمكانات جمع المكانة. ثم قال: أَفَلا يَعْقِلُونَ يعني: أفلا تفهمون أن الله هو الذي يفعل ذلك، فتوحدوه، وليس لمعبودهم قدرة على ذلك. قرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو: أَفَلاَ تَعْقِلُونَ بالتاء، على معنى المخاطبة. وقرأ الباقون بالياء على معنى الخبر. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة: وَأَنِ اعْبُدُونِي بالياء. وقرأ الباقون: بغير ياء. لأن الكسر يدل عليه. ثم قال عز وجل: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ جواباً لقولهم إنه شاعر يعني: أرسلنا إليه القرآن، ولم نرسل إليه الشعر وَما يَنْبَغِي لَهُ يعني: لم يكن أهلاً لذلك. وقال: ما يسهل له، وما يحضره الشعر إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ يعني: ما هو إلا عظة وَقُرْآنٌ مُبِينٌ يعني: يبين الحق من الضلالة. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: سألت عائشة- رضي الله عنها- هل كان رسول الله ﷺ يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت كان أبغض الحديث إليه الشعر، ولم يتمثل بشيء من الشعر، إلا ببيت أخي بني قيس بن طرفة: سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْت جَاهِلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد فجعل النبيّ ﷺ يقول: «وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ، مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ بِالأَخْبَارِ» . فقال أبو بكر: ليس هكذا يا رسول الله. فقال: «لَسْتُ بِشَاعِرٍ وَلا يَنْبَغِي لِي أنْ أَتَكَلَّمَ بِالشِّعْر» . فإن قيل: روي عنه أنه كان يتكلم بالشعر لأنه ذكر أنه قال: أنَا النَّبِيُّ لا كَذِب ... أنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ وذكر أنه عثر يوماً فدميت أصبعه فقال: هَلْ أنْتِ إلاَّ إصْبَعٌ دَمِيت ... وِفِي كِتَابِ الله مَا لَقِيت وذكر أنه قال يوم الخندق: بِسْمِ الإله وبه هدينا ... وَلَوْ عَبَدْنَا غَيْرَهُ شقِينَا قيل له: هذه كلمات تكلم بها فصارت موافقة للشعر، وليست بشعر. ثم قال عز وجل: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا يعني: من كان مؤمناً، لأن المؤمن هو الذي يقبل الإنذار. ويقال: مَنْ كانَ حَيًّا يعني: عاقلاً راغباً في الطاعة. قرأ نافع وابن عامر: لتنذر بالتاء على معنى المخاطبة. يقول: لتنذر يا محمد. وقرأ الباقون: بالياء على معنى الخبر عنه. يعني: لتنذر يا محمد. ويقال: يعني: لتنذر بالقرآن من كان مهتدياً في علم الله تعالى الأزلي وَيَحِقَّ الْقَوْلُ يعني: وجب العذاب عَلَى الْكافِرِينَ يعني: قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ [الأعراف: 18] ثم وعظهم ليعتبروا:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب