الباحث القرآني

اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أي: حفيظ. ويقال: كفيل بأرزاقهم، لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: بيده مفاتيح السموات والأرض. ويقال: خزائن السموات والأرض، وهو المطر، والنبات. وقال القتبي: المقاليد: المفاتيح. يعني: مفاتيحها، وخزائنها، وواحدها إقليد. ويقال: إنها فارسية، معربة، إكليد. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ يعني: بمحمد ﷺ، وبالقرآن، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يعني: اختاروا العقوبة على الثواب، قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي قرأ ابن عامر: تأمرونني بنونين، وقرأ نافع: تَأْمُرُونِّي بنون واحدة، والتخفيف. وقرأ الباقون: بنون واحدة، والتشديد، والأصل: تأمرونني بنونين، كما روي عن ابن عامر، إلا أنه أدغم إحدى النونين في الأخرى، وشدد، وتركها نافع على التخفيف. أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ يعني: أيها المشركون تأمروني أن أعبد غير الله وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ يعني: الأنبياء بالتوحيد، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ أي: ثوابك، وإن كنت كريماً عليَّ. فلو أشركت بالله، ليحبطنّ عملك وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ في الآخرة. فكيف لو شرك غيرك، فالله تعالى علم أن النبيّ ﷺ لا يشرك بالله، ولكنه أراد تنبيهاً لأمته، أنَّ من أشرك بالله، حبط عمله، وإن كان كريماً على الله. بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ أي: استقم على عبادة الله، وتوحيده. وقال مقاتل: بل الله فاعبد، أي: فوحد الله تعالى. وقال الكلبي: يعني: أطع الله تعالى، وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ على ما أنعم الله عليك من النبوة، والإسلام، والرسالة. ويقال: هذا الخطاب لجميع المؤمنين. أمرهم بأن يشكروا الله تعالى على ما أنعم عليهم، وأكرمهم بمعرفته، ووفقهم لدينه، وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي: ما عظموا الله حق عظمته، ولا وصفوه حق صفته، ولا عرفوا الله حق معرفته. وذلك أن اليهود والمشركين، وصفوا الله تعالى بما لا يليق بصفاته، فنزل: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وفيه تنبيه للمؤمنين، لكيلا يقولوا مثل مقالتهم، ويعظموا الله حق عظمته، ويصفوه حق صفته، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] . ثم قال: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي: في قدرته، وملكه، وسلطانه، لا سلطان لأحد عليها، وهذا كقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) [الفاتحة: 4] . وقال القتبي: فِى قَبْضَتُهُ أي: في ملكه، نحو قولك للرجل: هذا في يدك، وقبضتك. أي: في ملكك. وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي: بقدرته. ويقال: في الآية تقديم. معناه: وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ يوم القيامة. أي: في يوم القيامة. ويقال: بِيَمِينِهِ يعني: عن يمين العرش. وقال القتبي: بِيَمِينِهِ أي: بقدرته نحو قوله: ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ [الأحزاب: 50] يعني: ما كانت لهم عليه قدرة. وليس الملك لليمين دون الشمال. ويقال: اليمين هاهنا الحلف، لأنه حلف بعزته، وجلاله، ليطوينّ السموات والأرض. ثم نزّه نفسه، فقال تعالى: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أي: تنزيهاً لله تعالى. يعني: ارتفع، وتعظم عَمَّا يُشْرِكُونَ. يعني: عما يصفون له من الشريك، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ روي عن النبيّ ﷺ أَنَّه سُئِلَ عَنِ الصُّورِ فَقَالَ: «هُوَ الْقَرْنُ وَإِنَّ عِظَمَ دَائِرَتِهِ مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ، فَيَنْفُخُ نَفْخَةً، فَيُفْزِعُ الخَلْقَ، ثُمَّ يَنْفُخُ نَفْخَةً أُخْرَى، فَيَمُوتُ أهْلُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ، فَإذَا كَانَ وَقْتُ النَّفْخَةِ الثَّالِثَةِ، تَجَمَّعَتِ الأَرْوَاحُ كُلّهَا في الصُّور، ثُمَّ يَنْفُخُ النَّفْخةَ الثَّالِثَةَ، فَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ كُلُّها كَالنَّحلِ وَكَالزَّنَابِيرِ، وَتَأْتِي كُلُّ رُوح إلَى جَسَدِهَا» ، فذلك قوله تعالى: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يعني: يموت مَن فِى السموات، وَمَن فى الارض، إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ يعني: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت. ويقال: أرواح الشهداء. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: استثنى الله تعالى الشهداء حول العرش متقلدين بسيوفهم» . وقال بعضهم: النفخة نفختان. وروى أبو هريرة عن النبيّ ﷺ أنه قال: «يُنْفَخُ فِي الصُّور ثَلاَثُ نَفَخَاتٍ: الأُوْلَى نَفْخَةُ الفَزَعِ والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعقِ، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ العَالَمِينِ» ، وهو قوله: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ أي: ينظرون ماذا يأمرهم. ويقال: ينظرون إلى السماء كيف غيرت، وينظرون إلى الأرض كيف بدلت، وينظرون إلى الداعي كيف يدعوهم إلى الحساب، وينظرون فيما عملوا في الدنيا، وينظرون إلى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم، واشتغلوا بأنفسهم، وينظرون إلى خصمائهم ماذا يفعلون بهم. وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ يعني: أضاءت بِنُورِ رَبِّها أي: بعدل ربها. ويقال: وأشرقت وجوه من على الأرض بمعرفة ربها، وأظلم وجوه من على الأرض بنكرة ربها. وقال بعضهم: هذا من المكتوم الذي لا يفسر. وَوُضِعَ الْكِتابُ يعني: ووضع الحساب. ويقال: ووضع الكتاب في أيدي الخلق، في أيمانهم، وشمائلهم وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أي: بين الخلق بالعدل، بين الظالم والمظلوم، وبين الرسل، وقومهم، وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أي: لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً. وَوُفِّيَتْ أي: وفرت، كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ أي: جزاء ما عملت من خير، أو شر، وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ، لأنه قد سبق ذكر قوله: وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ ثم أخبر أنه لم يدع الشهداء ليشهدوا بما يعلموا بل هو أعلم بما يفعلون، وإنما يدعو الشهداء لتأكيد الحجة عليهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب