الباحث القرآني

وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ يعني: يوم القيامة أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي روى أسباط عن السدي قال: لما رفع عيسى، وقالت النصارى ما قالت. وزعموا أن عيسى أمرهم بذلك، سأله عن قولهم. وقال الضحاك: يدعى بعيسى يوم القيامة، ويدعى بالنصارى، فيقفهم، ويسأله ليفضحهم على رؤوس الناس. وقال الزجاج: هو سؤال التوبيخ للذين اعتدوا عليهم، لأنهم مجمعون أنه صادق وأنه لا يكذبهم الصادق عنده. وذلك أوكد في الحجة عليهم وأبلغ في التوبيخ. والتوبيخ ضرب من العقوبة. ويقال: إن الله تعالى لما قال لعيسى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ أخذته الرّعدة من هيبة ذلك القول حتى سمع صوت عظامه في نفسه قالَ سُبْحانَكَ فنزُّه الرب عن ذلك، أن يكون أمرهم بذلك. فقال: مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ يقول: ما ينبغي وما يجوز لى أَنْ أَقُولَ مَا ليس لى بحق. يعني: ليس بعدل أن يعبدوا غيرك إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ يعني: إن قلت لهم ذلك القول فَقَدْ عَلِمْتَهُ فإنك تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي يعني: ما كان مني في الدنيا وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ يعني: ولا أطلع على غيبك وما كان منك. وقال أهل اللغة: نفس الشيء: جملة الشيء، وحقيقته، وذاته فمعناه: تعلم ما في ضميري، وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى حقيقتك وغيبك. إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما كان وما يكون. وقيل: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي التي نسبت إلي، وأمرتني بالتسليم إليك. وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ التي سلمت إليك، فأنت مالكها بجميع ما كان وما يكون منها، وأنت علام الغيوب قبل كونها وكون فعلها. قرأ حمزة: الْغُيُوبِ بكسر الغين ومعناهما واحد. وقرأ نافع وعاصم وابن عامر: إِنِّي مُنَزِّلُها بالتشديد. وقرأ الباقون: بالتخفيف. وهما لغتان نَزَل وأنْزَلَ بمعنى واحد. ثم قال: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ يعني: في الدنيا بالتوحيد أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ يعني: وحدوا الله وأطيعوه رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً يعني: على بني إسرائيل، أي: بلغتهم الرسالة. ويقال: شهيداً يعني: حفيظاً بما أمرتهم مَّا دُمْتُ فِيهِمْ يعني: ما دمت مقيماً في الدنيا بين أظهرهم. فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي يعني: رفعتني إلى السماء كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ يعني: الحفيظ والشاهد عليهم. وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ من مقالتي ومقالتهم. وما أدري ما أحدثوا بعدي إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قرأ ابن مسعود: فَإِنَّكَ أَنتَ الغفور الرحيم وقرأ غيره: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإن قيل: وكيف سأل المغفرة للكفار. قيل له: لأن عيسى علم أن بعضهم قد تاب ورجع عن ذلك. فقال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ يعني: الذين ماتوا على الكفر، فإنهم عبادك وأنت القادر عليهم وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يعني: الذين أسلموا ورجعوا عن ذلك. وقال بعضهم: احتمل أنه لم يكن في كتابه إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 116] فلهذا المعنى دعا لهم، ولكن التأويل الأول أحسن. ويقال: إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يعني: لكذبهم الذي قالوا عليّ خاصة، لا لشركهم. وهذا التأويل ليس بسديد، والأول أحسن. وروي عن أبي ذر الغفاري عن النبيّ ﷺ أنه قرأ هذه الآية ذات ليلة، فردّدها حتى أصبح: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ الآية وقال بعضهم: في الآية تقديم وتأخير ومعناه: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنك أنت العزيز الحكيم وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فإنهم عبادك قوله تعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب