الباحث القرآني

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي وقال: هذا بغير فكرة. فكان ذلك منه زلة. ويقال: إنما قال ذلك على سبيل الاستفهام أهذا ربي؟ فَلَمَّا أَفَلَ يعني: غاب الكوكب قالَ: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ يعني: لا أحب ربنا يتغير عن حاله ويزول فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً يعني: طالعاً. ويقال: إن ذلك كان في وقت السحر، وكان ذلك في آخر الشهر. فرأى كوكباً يعني: الزهرة، حين طلعت، وكان من أضوء الكواكب. فلما ارتفع وطلع الفجر نقص ضوءه قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ يعني: لا أحب ربنا يتغير. فلما رأى القمر فرأى ضوءه أكثر قالَ هذا رَبِّي على سبيل الاستفهام فَلَمَّا أَفَلَ يعني: نقص ضوءه حين أسفر الصبح قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ يعني: لئن لم يحفظ ربي قلبي. لقد كنت اتخذت إلها ما لم يكن إلهاً فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً يعني: طالعة قد ملأت كل شيء ضوءاً ف قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ يعني: أعظم وأكثر نوراً فَلَمَّا أَفَلَتْ يعني: غربت. علم أنه ليس بإله. فجاءته أمه فقال لها: من ربي؟ قالت: أنا. قال: ومن ربك؟ قالت: أبوك. قال: ومن رب أبي؟ قالت: نمرود بن كنعان. قال: ومن ربه؟ قالت له: اسكت. فقال لها: كيف هو؟ هل يأكل ويشرب وينام؟ قالت: نعم. قال: هذا لا يصلح أن يكون ربًّا وإلها. فرجعت الأم إلى أب إبراهيم، فأخبرته بالقصة فخرج إليه فسأله مثل ذلك. ثم قال له في آخره: تعال حتى تعبد الذي خلقني وخلقك وخلق نمرود. فغضب أبوه، فرجع عنه، ثم دخلت عليه رأفة الوالد لولده، فرجع إليه. وقال له: ادخل المِصْر لتكون معنا، فدخل فرأى القوم يعبدون الأصنام. فدعوه إلى عبادة الأصنام ف قالَ لهم حينئذ: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فقيل له من تَعْبُد أنت يا إبراهيم؟ فقال أعبد الله الذي خلقني وخلق السموات والأرض. فذلك قوله: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ يعني: أخلصت ديني وعملي لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ يعني: خلق السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفاً يقول: إني وجهت وجهي مخلصاً مستقيماً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ على دينكم. ويقال: إن قوله هذا رَبِّي قال ذلك لقومه على جهة الاستهزاء بهم. كما قَالَ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [الأنبياء: 63] ويقال: أراد بهذا أن يستدرجهم فيظهر قبيح فعلهم، وخطأ مذهبهم وجهلهم. لأنهم كانوا يعبدون النجوم والشمس، والقمر. فَلَماَّ رَأَى الكوكب قال لهم: هذا رَبِّي. وأظهر لهم أنه يعبد ما يعبدون. فلما غاب الكوكب قال لهم: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فأخبرهم بأن الآفل لا يصلح أن يكون إلها. ثم قال في الشمس والقمر هكذا. كما روي عن عيسى- عليه السلام- أنه بعث رسولاً إلى ملك أرض. فلما انتهى إليهم، جعل يسجد ويصلي عند الصنم ويريهم أنه يعبد الصنم، وهو يريد عبادة الله تعالى. ثم إن الملك ظهر له عدو. فقالوا لهذا الرسول: أشر علينا بشيء في هذا الأمر. فقال: نتشفع إلى هذا الذي نعبده. فجعلوا يسجدون له ويتشفعون إليه، فلا يسمعون منه جواباً. فقالوا: إنه لا ينفعنا شيئاً. قال لهم: لم تعبدون من لا يدفع عنا ضراً؟ ارجعوا حتى نعبد من ينفعنا. فقالوا لمن نعبد؟ قال: لرب السماء. فجعل يدعو ويدعون حتى فرّج، الله عنهم. فآمن به بعضهم. وكذلك هاهنا أراد إبراهيم- عليه السلام- أن يريهم قبح ما يعبدون مِن دُونِ الله، لعلهم يرجعون فلما لم يرجعوا قال يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ قرأ حمزة والكسائي رَأى كَوْكَباً بكسر الراء والألف، وهي لغة لبعض العرب والنصب أفصح. قوله تعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب