الباحث القرآني

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً يعني: أرسلنا إلى عاد نبيهم هوداً عطفاً على قوله: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم. لم يكن هود أخاهم في الدين ولكن كان من نسبهم. قال السدي: كانت عاد قوماً من أهل اليمن فأتاهم هود، فدعاهم إلى الإيمان، وذكّرهم، ووعظهم فكذبوه. ويقال: عاد اسم ملك ينسب القوم كلهم إليه. ويقال: اسم القرية قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي وحّدوه مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وقد ذكرناه أَفَلا تَتَّقُونَ عن الشرك وقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ وقد ذكرناه إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ أي جهالة وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ بأنك رسول الله قالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ جهالة وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ إليكم أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ يعني: كنت فيكم قبل اليوم أميناً فكيف تتّهموني اليوم. أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ يعني: الرسالة والبيان عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ تعرفون نسبه لِيُنْذِرَكُمْ بالعذاب وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ أي جعلكم خلفاء في الأرض بعد هلاك قوم نوح وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً أي: فضيلة في الطول على غيركم. والخلفاء والخلائف جمع الخليفة. قرأ ابن كثير وأبو عمرو بسْطة بالسين. وقرأ حمزة بإشمام الزاي. وقرأ الباقون بالصاد. قال ابن عباس- رضي الله عنهما- كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعاً. وروى إبراهيم بن يوسف عن المسيب عن الكلبي قال: كان طول قوم عاد أطولهم مائة وعشرين ذراعاً وأقصرهم ثمانون ذراعاً. وقال مقاتل عن قتادة: كان طول كل رجل منهم اثني عشر ذراعاً فذلك قوله لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ [الفجر: 8] ويقال: كان بين نوح وبين آدم عشرة آباء كلهم على الإسلام. وكان إدريس جد أبي نوح ولم يكن بين آدم ونوح نبي مرسل، وكان إدريس نبياً ولم يؤمر بدعوة الخلق، ويقال: أنزل عليه عشرون صحيفة، وقد آمن به كثير من الناس، وكان بين نوح وإبراهيم ألف سنة ويقال: ألفان وأربعون سنة وكان بين إبراهيم وموسى ألف سنة. وكان بين موسى وعيسى ألف سنة. وبين عيسى ومحمد- عليه السلام- خمسمائة سنة. وكان هود بين نوح وإبراهيم فلما دعا قومه فكذبوه، أنذرهم بالعذاب، وقال: إن الله تعالى يرسل عليكم الريح فيهلككم بها، فاستهزءوا به وقالوا: أي ريح يقدر علينا، فأمر الله تعالى خازن الريح أن يخرج من الريح العقيم التي هي تحت الأرض مقدار ما يخرج من حلقة الخاتم، كما قال في آية أخرى وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [الذاريات: 41] فجاءتهم وحملت الرجال والدواب كالأوراق في الهواء فأهلكتهم كلهم فلم يبق منهم أحد. كما قال فَأَصْبَحُوا لاَ يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [الأحقاف: 25] وذلك بعد ما أنذرهم وأخذ عليهم الحجة وذكرهم نعم الله تعالى، قال لَهُمْ: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ أي: اشكروا نعمة الله قال بعضهم: الآلاء إيصال النعم، والنعماء دفع البلية. وقال بعضهم على ضد هذا، وقال أكثر المفسرين: الآلاء والنعماء بمعنى واحد لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يعني: لكي تنجوا من البلايا ومن عذابه. قوله تعالى: قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ قالوا: يا هود أتأمرنا أن نعبد رباً واحداً وَنَذَرَ مَا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا أي نترك عبادة آلهتنا التي كان يعبدها آباؤنا. قال لهم هود عليه السلام: إن لم تفعلوا ما آمركم يأتيكم العذاب. قالوا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب أي: بما تخوفنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ أنك لرسول الله قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أي: وجب عليكم عذاب وغضب من ربكم أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ أي: تجعلون قول أنفسكم وقول آبائكم حجة من غير أن يثبت لكم من الله حجة، وقد اتخذتم الأصنام بأيديكم، وسميتموها آلهة مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ يقول: ليس لكم علة وعذر وحجة بعبادة الأصنام. فَانْتَظِرُوا الهلاك إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ يعني: لنزول العذاب بكم، لأنهم أرادوا إهلاكه قبل أن يهلكوا. قال الله تعالى: فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا يعني: بنعمة منا عليهم وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي: قطع أصلهم واستأصلهم وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ يعني: أن الذين أهلكهم الله تعالى كلهم كانوا كافرين. قوله تعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب