الباحث القرآني

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ روى أسباط عن السدي قال: كانوا يسمعون من النبي عليه السلام الحديث، فيفشونه حتى يبلغ المشركين، فنهاهم الله عن ذلك فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ. ويقال: كل رجل مؤتمن على ما فرض الله عليه، إن شاء أداها، وإن شاء خانها. وقال القتبي: الخيانة أن يؤتمن على شيء فلا يؤدي إليه، ثم سمّى العاصي من المسلمين خائناً، لأنه قد ائتمن على دينه فخان. كما قال في آية أخرى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ [البقرة: 187] ، ويقال: نزلت الآية في أبي لبابة بن عبد المنذر، حين أشار إلى بني قريظة أن لا ينزلوا على حكم سعد، وأشار إلى حلقه إنه الذبح [[عزاه السيوطي 4/ 48 إلى ابن جرير وإلى عبد حميد عن الكلبي.]] . وذلك أن النبيّ ﷺ لما حاصر بني قريظة من بعد انصرافهم من الخندق، ووقف بباب الحصن وفيه ستمائة رجل من اليهود، وقد كانوا ظاهروا قريشاً على حرب رسول الله ﷺ فناداهم: «يَا إخْوَةَ القِرَدَةِ وَالخَنَازِيرِ، انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ الله وَرَسُولِهِ» . فقالت اليهود: يا محمد، ما كنت فحّاشاً قبل هذا. فبعث إليهم رسول الله ﷺ أبا لبابة بن عبد المنذر، فدخل على اليهود فركنوا إليه وقالوا: يا أبا لبابة، أتأمرنا بالنزول إلى محمد ﷺ؟ فأشار بيده إلى حلقه، يعني: إنه الذبح إن نزلتم إليه [[عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وإلى ابن مردويه عن عكرمة.]] . فقال أبو لبابة: والذي نفسي بيده، ما زالت قدماي من مكاني، حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله، وأوثق نفسه إلى سارية المسجد، حتى أنزل الله تعالى توبته ونزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ. وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ، يعني: لا تخونوا أماناتكم. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنها خيانة. قال محمد بن إسحاق: لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ يعني: لا تظهروا له من الحق ما يرضى عنكم ثم تخالفوه في السر، فإن ذلك هلاكاً لأنفسكم وخيانة لأماناتكم. ثم قال عز وجل: وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ، يعني: بلاء عليكم، لأن أبا لبابة إنما ناصحهم من أجل ماله وولده الذي كان عند بني قريظة. وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ، يعني: الجنة لمن صبر ولم يخن. قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ، يعني: إن تطيعوا الله ولا تعصوه، يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً يعني: يجعل لكم مخرجاً ونجاة ونصرا في الدنيا- ويقال: المخرج من الشبهات. وقال مجاهد: مخرجاً في الدنيا والآخرة [[ما بين معقوفتين ساقط من النسخة «ب» .]] -. وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، يقول: يمحو عنكم ذنوبكم، وَيَغْفِرْ لَكُمْ يعني: يستر ذنوبكم وعيوبكم. وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، يعني: ذو الكرم والتجاوز عن عباده.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب