الباحث القرآني

قوله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، روي عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، يعني: «ما كان للمؤمنين لينفروا جميعا ويتركوا النبيّ ﷺ وحده بالمدينة» . فَلَوْلا نَفَرَ، يقول: فهلا خرج مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ، يعني: عصبة وجماعة، ويقيم طائفة مع النبيّ ﷺ، لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، يعني: ليتعلموا العلم وشرائع الدين. فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون عن النبيّ ﷺ، فيعلمونهم ويقولون: إن الله تعالى قد أنزل على نبيكم بعدكم كذا وكذا، وهذا قوله: وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ، يعني: يتعظون بما أمروا ونهوا عنه. ولها وجه آخر، وهو ما روي أيضاً عن معاوية بن صالح، عن علي بن طلحة، عن ابن عباس: «أن النبيّ ﷺ، لما دعا على مضر بالسنين، أجدبت بلادهم. وكانت القبيلة تقبل بأسرها، حتى يلحقوا بالمدينة ويعلنوا بالإسلام وهم كاذبون، فضيقوا على أصحاب رسول الله ﷺ وأجهدوهم، فأنزل الله تعالى يخبر الرسول ﷺ أنهم ليسوا بمؤمنين، فردهم رسول الله ﷺ إلى عشائرهم وحذَّر قومهم أن يفعلوا فعلهم بعد ذلك، وهو قوله: وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. وروى أسباط بن السدي قال: أقبلت أعراب هذيل وأصابتهم مجاعة، واستعانوا بتمر المدينة وأظهروا الإسلام، وكانوا يفتخرون على المؤمنين، فيقولون: نحن أسلمنا طائعين يعني: بغير قتال وأنتم قوتلتم، فنحن خير منكم، فآذوا المؤمنين، فأنزل الله تعالى فيهم يخبرهم بأمرهم قال: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً أي جميعاً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ يعني: من كل بطن طائفة. فأتوا رسول الله ﷺ فسمعوا كلامه، ثم رجعوا إلى قومهم فأخبروهم لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ يعني: يتعظون فيعملون به ولا يعملون بخلافه. وفي هذه الآية دليل أن أخبار الآحاد مقبولة ويجب العمل بها لأن الله تعالى أخبر أن الفرقة من الطائفة إذا تفقهت في الدين وأنذرت قومهم، صحّ ذلك. ولفظ الطائفة يتناول الواحد والأكثر، لأن أقل الفرقة اثنان، والطائفة من الاثنين واحد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب