الباحث القرآني

قوله تعالى: وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ معك إلى الغزو، لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً يعني: اتخذوا لأنفسهم قوة من السلاح. معناه: إن تركهم العدة دليل على إرادتهم التخلف. ثم قال وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ، يعني: لم يرد الله خروجهم معك لجبنهم وسوء نياتهم، فَثَبَّطَهُمْ يعني: حبسهم وأقعدهم عن الخروج، ويقال: ثقلهم عن الخروج، ويقال: جعل حلاوة الجلوس في قلوبهم حتى أقعدهم عن الخروج. وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ، يعني: ألهموا أو خيّل إليهم القعود مع المتخلفين. ثم أخبر الله تعالى أن لا منفعة للمسلمين في خروجهم معهم، بل عليهم مضرة منهم، ثم قال تعالى: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ يعني: المنافقين لو خرجوا معكم مَّا زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا، يعني: فساداً، ويقال: شراً وجبنا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ، ويقال ساروا بينكم ويقال: والإيضاع في اللغة هو إسراع الإبل، كما قال ﷺ حين أفاض من عرفات: «أيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، فَإنَّ البِرَّ لَيْسَ فِي إيضَاعِ الإبِلِ وَلا فِي إيجَافِ الخَيْلِ» . يعني: إن المنافقين لو خرجوا معكم، يسرعون الإبل فيما بينكم ويؤذونكم. ثم قال: يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ، يعني: يطلبون منكم الشرك، ويطلبون هزيمتكم وعيوبكم، ويفشون سركم. وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، يعني: وفي عسكركم عيون وجواسيس للمنافقين، ويقال: وفيكم من يسمع ما يقوله المنافقون ويقبلون منهم. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ، يعني: بالمنافقين. وهذا وعيد لهم، يعني: عَلِيمٌ بعقوبتهم. ثم قال عز وجل: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ، يعني: من قبل غزوة تبوك، لأنهم قصدوا قتل النبيّ ﷺ قبل كثرة المؤمنين. ويقال: طلبوا إظهار الشرك قبل غزوة تبوك وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ، يعني: احتالوا في قتلك وفي هلاكك من كل وجه. ويقال: قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ظهراً لبطن، فانظر كيف يصنعون. حَتَّى جاءَ الْحَقُّ، يعني: كثر المسلمون ويقال: حتى جاء الحق يعني: الإسلام وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ يعني: ظهر دين الله الإسلام. وَهُمْ كارِهُونَ، يعني: كارهون للإسلام. قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي، يعني: جد بن قيس كان من المنافقين، حرّضه النبي ﷺ على الخروج إلى الغزو، فقال: يا رسول الله، إن قومي يعلمون حرصي على النساء، فأخشى أني لو خرجت وقعت في الإثم، ولا تفتني ببنات الأصفر. وكان الأصفر رجلاً من الحبش ملك ناحية من الروم، فتزوج رومية، فولدت له بنات اجتمع فيهن سواد الحبش وبياض الروم وكنّ فتنة، فقال جد بن قيس: لا تفتني ببنات الأصفر، فإني أخاف أن لا أصبر وأضع يدي على الحرام، فأذن له النبيّ ﷺ بالقعود، فنزل. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يعني: من المنافقين ائْذَنْ لِي في التخلف وَلا تَفْتِنِّي، يعني: ولا توقعني في الفتنة والإثم. ثم قال الله تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، يعني: ألا في الكفر والنفاق وقعوا. وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ، يعني: جعلت جهنم للكافرين، وهو جد بن قيس ومن تابعه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب