قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ يقول: إذا مضى الأشهر التي جعلتها أجلهم، فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ في الحل والحرم، يعني: المشركين الذين لا عهد لهم بعد ذلك الأجل. ويقال: إن هذه الآية فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ نسخت سبعين آية في القرآن من الصلح والعهد والكف، مثل قوله قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66] وقوله:
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] ، وقوله: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [النساء: 63] ، وقوله: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 6] وما سوى ذلك من الآيات التي نحو هذا صارت كلها منسوخة بهذه الآية.
قوله تعالى: وَخُذُوهُمْ، يعني: ائسروهم وشدوهم بالوثاق، وَاحْصُرُوهُمْ يعني:
إن لم تظفروا بهم، فاحصروهم في الحصن والحصار. قال الكلبي: يعني: واحبسوهم عن البيت الحرام أن يدخلوه. وقال مقاتل: وَاحْصُرُوهُمْ يعني: التمسوهم، وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ يعني: ارصدوا لهم بكل طريق. وقال الأخفش: يعني: اقعدوا لهم على كل مرصد.
وكلمة «على» محذوفة من الكلام، ومعناه: واقعدوا لهم على كل طريق يأخذون فيه. فَإِنْ تابُوا من الشرك وَأَقامُوا الصَّلاةَ، يعني: وأقرّوا بالصلاة. وَآتَوُا الزَّكاةَ، يعني: وأقروا بالزكاة المفروضة. فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، يعني: اتركوهم ولا تقتلوهم. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يعني: غَفُورٌ لما كان من الذنوب في الشرك، رَحِيمٌ بهم بعد الإسلام.
فقال رجل من المشركين: يا عليّ، إن أراد رجل منا بعد انقضاء الأجل أن يأتي محمدا ويسمع كلامه، أو يأتيه لحاجة، أيقتل؟ فقال عليّ: «لا» .
{"ayah":"فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُوا۟ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدࣲۚ فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّوا۟ سَبِیلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}