الباحث القرآني

قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يعني: يخالف الله ورسوله ويقال: يخاف أمر الله وأمر رسوله، يعني: أمر الله تعالى في الفرائض، وأمر رسوله في السنن وفيما بين. وقال الأخفش: يُحادِدِ اللَّهَ يعني: يعادي الله ورسوله، فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ. قرأ بعضهم فَأَنَّ لَهُ بالكسر على معنى الاستئناف، وقرأ العامة بالنصب على معنى البناء. خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ، يعني: العذاب الشديد. قوله تعالى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ قال الزجاج، قوله: يَحْذَرُ لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر، أي: ليحذر المنافقون، ويقال: على وجه الخبر يحذر يعني: يخشى المنافقون. وذلك أن بعضهم قال: لو أني جلدت مائة جلدة، أحب إلي من أن ينزل فينا شيء يفضحنا، فنزل: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ يعني: سورة براءة تنبئهم بِما فِي قُلُوبِهِمْ من النفاق. وكانت سورة البراءة: تسمى الفاضحة. قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ، يعني: مظهر ما تَحْذَرُونَ يعني: تخافون من إظهار النفاق. ثم قال عز وجل: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وذلك أن رسول الله ﷺ حين رجع من تبوك، وبين يديه هؤلاء الأربعة يسيرون ويقولون: إن محمداً يقول إنّه نزل في إخواننا الذين تخلفوا بالمدينة كذا وكذا، وهم يضحكون ويستهزئون، فأتاه جبريل فأخبره بذلك، فبعث إليهم النبي ﷺ عمار بن ياسر فقال له: «اذْهَبْ إلَى أُوْلَئِكَ واسألهم عمّا يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ» ؟ وأخبره أنهم يستهزئون بالقرآن، وأنه إذا أتاهم وسألهم يقولون: إنّما كنا نخوض ونلعب. فلما جاء إليهم عمار بن ياسر قال لهم: ما تقولون؟ قالوا: إنّا كنا نخوض ونلعب فيما يخوض فيه الركب إذا ساروا ونضحك بيننا. فقال عمار: صدق الله، وبلغ رسوله هكذا أخبرني رسول الله ﷺ أنكم تقولون ذلك، غضب الله عليكم هلكتم هلكتم، فجاؤوا واعتذروا. فنزل: قُلْ أَبِاللَّهِ، يعني: قل لهم يا محمد: أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ. وقال قتادة: إذا رأيا العبد، يقول الله انظروا إلى عبدي يستهزئ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ فجاؤوا إلى النبيّ ﷺ واعتذروا، فنزل قوله تعالى: لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ، يعني: كفرتم في السر بعد إيمانكم في العلانية. ويقال: قد أقمتم على كفركم الأول في السر بعد إيمانكم مع إقراركم بالعلانية بالإيمان. إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ، وكان فيهم مخلص واحد، ولم يقل معهم شيئاً، ولكن ضحك معهم فقال: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ وكان فيهم واحد مخلص ولم يقل معهم بشيء، ولكن ضحك معهم وقال: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ وهو المؤمن المخلص، نُعَذِّبْ طائِفَةً يعني: المنافقين، وقال القتبي: قد يذكر الجماعة ويراد به الواحد كقوله إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ وإنما كان رجلا واحدا وكقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وأراد به النبيّ ﷺ. ويقال: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ وهم المخلصون نُعَذِّبْ طائِفَةً وهم المنافقون بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ يعني: مذنبين كافرين في السر. قرأ عاصم إِنْ نَعْفُ بالنون نُعَذِّبْ بالنون وكسر الذال طائِفَةٍ بالنصب، وقرأ الباقون إن يعف بالياء والضم تُعَذِّبَ التاء ونصب الذال طائِفَةٍ بالضم على معنى فعل ما لم يسم فاعله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب